للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رابعا: الآثار الإيمانية لصفة وجه الله تعالى]

أ- قصد وجه الله بصالح الأعمال:

قال تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الكهف: ٢٨] أي: يقصدون وجه الله بالرضا، أي رضا وجهه سبحانه، وقال سبحانه: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ [الإنسان: ٩]. وقال تعالى: وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى [الليل: ١٩ - ٢١]. فجعل غاية أعمال الأبرار والمقربين والمحبين إرادة وجهه (١). أي: يقصدون بأعمالهم وجه الله، بدخولهم الجنة ورؤيته فيها.

عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا شيء له)) فأعادها ثلاث مرات، يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا شيء له)) ثم قال: ((إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه)) (٢).

وعن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة)) (٣).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من جرعة أعظم أجراً عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله)) (٤).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)) (٥) -يعني: ريحها-.

وعن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ... فإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)) (٦).

وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ... إنك لن تخلف، فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله تعالى، إلا ازددت به خيراً، ودرجة ورفعة)) (٧).

وعن حذيفة رضي الله عنه قال: أسندت النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدري فقال: ((من قال: لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة، ومن صام يوماً ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة، ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة)) (٨).

ومتى أنفق العبد ليريد من المنفق عليه جزاء بوجه من الوجوه، فهذا لم يرد وجه الله، وإنما يقبل ما كان عطاؤه لله، وقصده ابتغاء وجه الله.


(١) ((تهذيب المدارج)) (ص: ٨١٩).
(٢) رواه النسائي (٣١٤٠) وقال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (١/ ٤٠): إسناده جيد وقال ابن رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (١/ ٨١): إسناده جيد.
(٣) رواه البخاري (٤٥٠) ومسلم (٥٣٣).
(٤) رواه ابن ماجه (٤٣٢٩) والإمام أحمد١٣/ ٢٨٦ قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٣/ ٣٨٦) رواته محتج بهم في الصحيح، وقال الألباني في ((صحيح ابن ماجه)) (٣٣٩٦): صحيح.
(٥) رواه أبو داود (٣٦٦٤) وابن ماجه (٢٥٢) وسكت عنه أبو داود [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]. وقال محمد المناوي في ((تخريج أحاديث المصابيح)) (١/ ١٦٥): رجاله رجال الصحيحين.
(٦) رواه البخاري (٤٥٠١) ومسلم (٣٣).
(٧) رواه البخاري (٤٤٠٩) ومسلم (١٦٢٨).
(٨) رواه الإمام أحمد ٥/ ٣٩١ وابن أبي شيبة كما في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (٦١٢٥/ ١) والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (٦٥١) قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٢/ ١٠٨) إسناده لا بأس به. وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٢/ ٣٢٧): رجاله موثقون.

<<  <  ج: ص:  >  >>