للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشاء .. باعتبارها وردت خاتمة للآيتين اللتين تحددان كيفية تلاوة القرآن، وتصفان أحوال الذين يقومون بهما، وتسجل مظاهر التأثر والتغير والانفعال عليهم .. ثم تبين الثمرة لهذه التلاوة، وتحدد الغاية منها، وتدعو المؤمن إلى أن يلحظها، ويسعى إلى تحقيقها، ويتشوق إلى تلك الثمرة، ويحرص على أن يجنيها .. إنها «الهدى»، الهدى القرآنى .. هدى الله يهدى به من يشاء .. هدى مطلق شامل عام للفرد والمجتمع والأمة ..

وهناك آية أخرى تقرر غاية أخرى للتلاوة وهى قوله تعالى: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ [الأنعام: ١٢٢] الحياة الحرة العزيزة الكريمة التى تليق بالمؤمن، الحياة السعيدة المباركة الهادية التى تبارك عمره وترفعه وتزكيه .. الحياة التى لا بدّ أن يجعلها غاية له من تلاوته، وثمرة له يجنيها من رحلته فيه، ونتيجة عملية يحققها من تعامله معه ..

هذه غاية التلاوة، وثمرة التعامل، ونتيجة التدبر، وكل ما سواها وسائل لتحقيقها .. القرآن هدى فكيف نهتدى بالقرآن؟ القرآن نور فكيف نستضيء بالقرآن؟ القرآن حياة فكيف نحيا بالقرآن؟ القرآن كنز فكيف نستفيد منه؟ القرآن صديق حبيب ودود فكيف نتعامل معه؟ القرآن شجرة باسقة مثمرة معطاءة خيرة فكيف نعيش فى ظلالها؟ ونستروح أفياءها ونجنى ثمارها التى لا حياة بدونها؟ هذه هى الغاية من التلاوة وهذه هى الثمرة من التدبر .. غاية تدعو السائرين إليها، وثمرة تحفز همهم إليها، وتوجه أشواقهم إليها .. ونرجو أن نكون من هؤلاء السعداء الموفقين، الذين يعيشون فى ظلال القرآن، ويحيون فى أفياء القرآن، ويجنون من ثمار القرآن، ويحققون غاية القرآن، ويحسنون التعامل مع القرآن، ويستخدمون المفاتيح الهادية لفتح كنوز القرآن .. والذين يقودهم القرآن فى الدنيا،

<<  <   >  >>