للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله صلّى الله عليه وسلّم: «اتقوا الحديث إلّا ما علمتم، فإنه من كذب عليّ متعمّدا فليتبوأ مقعده من النار ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار» (١).

والسلف رحمهم الله كانوا أبعد الغاية احترازا عن القول في نزول الآية، فلا يقبلون إلّا ممن شاهدوا التنزيل، كالصحابة رضوان الله عليهم، فإن قولهم في سبب النزول هو مما لا مجال للرأي فيه، فهو بمثابة المرفوع، فإن صح النقل عنه وجب الأخذ به، وهو كالحديث المسند، أما إذا لم يجزم الصحابي، كأن قال: أحسب هذه الآية نزلت في كذا فلا يعد هذا سببا.

أما قول التابعي في سبب النزول إذا نقل أو سمع الصحابي، فيجري فيه من المذاهب ما يجري في الأحاديث المرسلة عند علماء مصطلح الحديث والأصول، أما قولهم بالاجتهاد فلا يصح، قال ابن سيرين: (سألت عبيدة عن آية من القرآن، فقال:

اتق الله وقل سدادا ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن) (٢).

وليس لأحد بعد عصر التابعين أن يخترع سببا للنزول.

قال الواحدي (٣): «أما اليوم، فكل أحد يخترع شيئا ويختلق إفكا وكذبا ملقيا زمامه إلى الجهالة، غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب الآية».

[فوائد أسباب النزول:]

لا شك أن لمعرفة سبب النزول فوائد لا يستغني عنها أي مفسر لكتاب الله، كما قال الواحدي: ولا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان سبب نزولها، أو كما قال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن (٤).


(١) أسباب النزول ص ١٧. والحديث أخرجه الترمذي (٢٩٥١).
(٢) أسباب النزول ص ١٧.
(٣) أسباب النزول ص ١٧، والإتقان ١/ ٣١.
(٤) مقدمة في أصول التفسير، لابن تيمية ص ٤٨.

<<  <   >  >>