للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢ - المفهوم:]

عرفه العلماء بأنه: (ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق). فالمعنى المدلول عليه لم يؤخذ من اللفظ المنطوق مباشرة، بل هو مسكوت عنه، وهذا المعنى المستفاد المسكوت عنه إن كان موافقا في الحكم للمعنى المستفاد من المنطوق، فهو مفهوم الموافقة، وإن كان مخالفا للمنطوق فهو مفهوم المخالفة، على هذا فالمفهوم قسمان:

القسم الأول: مفهوم الموافقة، أو ما يسمى بفحوى الخطاب أو لحن الخطاب.

مثاله قوله تعالى: .. فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما .. [الإسراء: ٢٣].

فالآية تحرّم التأفف والنّهر للوالدين هذا هو منطوقها، وهي تحرّم كذلك الضرب والإيذاء لهما، وإن لم ينطق بهما، إلّا أن هذا المسكوت عنه أولى بالتحريم، وهو مفهوم موافقة، لأن حكم ضرب الوالدين موافق لحكم التأفف والنهر لهما في التحريم، وهذا ما يسميه بعض الفقهاء فحوى الخطاب، وقد يكون مفهوم الموافقة المسكوت عنه مساويا لحكم المنطوق، كقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً .. [النساء: ١٠].

فالآية بمنطوقها قد حرّمت أكل أموال اليتامى ظلما، ويفهم منها تحريم إحراق أموال اليتامى إذا كان مما يحرق، وتحريم الركوب إذا كانت مما يركب، فتحريم الحرق أو الركوب وغير ذلك مساو لحكم أكل مال اليتيم.

القسم الثاني: مفهوم المخالفة، أو كما يسميه ابن فورك دليل الخطاب: وهو كما عرفه العلماء: «دلالة اللفظ على ثبوت حكم للمسكوت عنه مخالف لما دلّ عليه المنطوق لانتفاء قيد من القيود المعتبرة في الحكم» (١).

وقد اختلف في أنواع مفهوم المخالفة تبعا للقيود المعتبرة، وأصح الأقوال أنها أربعة أنواع وهي:


(١) ابن الحاجب مع العضد والسعد، ٢/ ١٧٢.

<<  <   >  >>