للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع التعريف بالنسخ]

كتب فيه خلائق لا يحصون، واتفق العلماء على جوازه ووقوعه في القرآن الكريم، ولم ينكره أحد من الأقدمين، إلّا ما روي عن أبي مسلم الأصفهاني- المعتزلي- ووافقه من

المتأخرين الإمام محمد عبده وتابعه الشيخ الباقوري والشيخ محمد الغزالي وعبد المتعال محمد الجبري الذي ألف كتابا في إبطال النسخ، وقد تصدى للرد عليهم الدكتور مصطفى زيد في رسالته القيمة، والتي كان موضوعها «النسخ في القرآن الكريم»، وقد أثنى على بحثه الشيخ محمد أبو زهرة، والكتاب يقع في مجلدين، وقد استوعب هذه القضية استيعابا بما لا مزيد عليه. ونحن في هذه العجالة لا نستطيع التعرض لهذه القضية بتمامها، بل سنوجز الكلام بما يفي بالغرض في هذا المقام.

[معنى النسخ لغة:]

للنسخ في اللغة ثلاثة معان:

أولا- بمعنى الإزالة: ومن ذلك قولهم: نسخت الشمس الظلّ، إذا أزالته، أي:

أذهبت الظلّ وحلّت محله، ونسخ الشيب الشباب، إذا أزال سواد الشعر وحلّ محله بياضه، فهنا الإزالة بعوض أو ببدل، وقد تكون الإزالة من غير عوض كقولهم:

نسخت الريح الأثر، أي: أزالته ولم تحل مكانه، بل ذهبت هي أيضا، فلم يبق ريح ولا أثر، وبمعنى الإزالة ورد قوله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها .. [البقرة: ١٠٦].

ثانيا- النسخ بمعنى النقل، أي: نقل الشيء من موضع إلى موضع ومن ذلك قولهم: نسخت الكتاب، أي: نقلت ما فيه، ومن هذا المعنى قوله تعالى: إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الجاثية: ٢٩].

<<  <   >  >>