للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكرها في بطون الكتب. على ما فيها من مخالفة واضحة ونبو صريح عن نظم القرآن وأناقة أسلوبه المعجز، ومخالفات أخرى لا مجال هنا للإشارة إليها (١).

وهاك الأنواع الثلاثة:

[١ - منسوخ الحكم دون التلاوة:]

هذا النوع الوحيد الجدير بالقبول، لذا فقد اتفق جميع العلماء على وقوعه وجوازه، ولم يشذ عن إجماعهم إلّا من ذكرناه سابقا، ولكن الذين اتفقوا على وقوعه وجوازه قد اختلفوا في عدد الآيات المنسوخة فمنهم المكثر، ومنهم المقتصد، ومنهم المقل، ونحن نرفض قول المفرطين في كثرة دعاوى النسخ التي تجاوزت المئات، وهي أقوال لا يدل عليها فطرة من عقل ولا نقل، ولقد حصر الإمام السيوطي قضايا النسخ في عشرين موضعا، واختصرها المرحوم مصطفى زيد بما لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وهاك من الأمثلة المتفق عليها (٢).

أ- كان قيام الليل- قبل فرض الصلوات- فرضا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعلى أمته؛ لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ١ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ٢ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ٣ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: ١ - ٤].

فمكث يجتهد بقراءة القرآن حتى نزول قوله تعالى في آخر السورة:

إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المزمل: ٢٠].


(١) علوم القرآن ص ٢٠٤.
(٢) انظر التشريع الإسلامي فقد ذكر أن في حصر السيوطي نظرا، وانظر كتاب النسخ في القرآن الكريم، ومباحث في علوم القرآن للقصبي زلط.

<<  <   >  >>