للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الرواية إسنادها صحيح، وفي متنها نظر، فقد روي عن عمر قوله: (لولا أن يقول الناس زاد عمر في المصحف لكتبتها)، وهو كلام يوهم أنه لم ينسخ لفظها أيضا، مع أنهم يقولون: إنها منسوخة اللفظ باقية الحكم، ورواية تذكر قيد الزنى بعد ذكر الشيخ والشيخة، ورواية أخرى لا تذكره، ورواية تذكر عبارة «نكالا من الله»، ورواية لا تذكرها، بل رواية البخاري لا تذكر الشيخ والشيخة، وما هكذا تكون نصوص الآيات القرآنية ولو نسخ لفظها.

لذا فقد جزم الكمال بعدم الأخذ بالروايات قائلا: (وأما ما نظر به من الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما، فلولا ما علم بالسنة والإجماع لم يثبت به).

إن هذا الحديث المروي عن عمر، لا يمكن اعتباره قرآنا بحال من الأحوال، لأن القرآن لا يثبت برواية الآحاد وإن صحت، ذلك لأن القراءات القرآنية لا تثبت قرآنيتها إلّا بالتواتر، وإلّا ردّت وحكم عليها بالشذوذ ولو صحت روايتها آحادا.

قال أبو جعفر النحاس: (وإسناد الحديث صحيح، إلّا أنه ليس له حكم القرآن الذي نقله الجماعة، ولكنه سنة ثابتة).

ونختم الحديث عن هذا النوع بما قال الدكتور مصطفى زيد: (ومن ثم يبقى منسوخ التلاوة باقي الحكم مجرد فرض، لم يتحقق في واقعة واحدة، ولهذا نرفضه ونرى أنه غير معقول ولا مقبول، فإن القول بأنه سقط شيء من القرآن، أو أنه لم يتواتر فلم يثبت في القرآن قول لا يسنده دليل ويجعل للمغرضين صيدا ثمينا للنيل من القرآن، فرد الروايات أهون من الدخول في المتاهات) (١).

[٣ - منسوخ التلاوة والحكم معا:]

استدل القائلون بجوازه بما روي عن عائشة: (كان فيما أنزل الله عشر رضعات معلومات يحرّمن، فنسخن بخمس معلومات، فتوفّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهنّ فيما يقرأ من القرآن) (٢).


(١) علوم القرآن ص ٢٠٤.
(٢) صحيح مسلم. كتاب الرضاع. باب التحريم بخمس رضعات ٢/ ١٠٧٥ ح ١٤٥٢.

<<  <   >  >>