للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«كلمة أخيرة لا بد منها» [في الفرق بين النسخ والتخصيص والتقييد]

١ - إن الناسخ يأتي على الحكم المنسوخ فيزيله بالكلية، وبعبارة أخرى يبطله ويلغيه ويخرجه عن اعتباره دليلا، أما المخصص فلا يلغي العامّ بالكلية، بل يبقى حكم العام معمولا به، ولكنه لا يستغرق جميع أفراده، بل جزءا منهم، ويبقى العام بعد تخصيصه دليلا ثابتا للحكم فيما أبقاه المخصص.

٢ - إن الناسخ لا يأتي إلّا متأخرا عن المنسوخ، أما المخصص فيكون مقارنا للعامّ أو متأخرا عنه وقد يكون مستقلا أو غير مستقل. وبعبارة أخرى منفصلا أو متصلا، بل قد يتقدم عليه في رأي.

٣ - النسخ لا يقع في مجال العقائد والأخبار والقصص القرآني، بل يقع في مجال الأحكام، أما التخصيص فمجاله جميع ما تقدم دون استثناء.

وفروق أخرى مختلف فيها فلا نذكرها، لنمضي إلى المفارقة بين النسخ والتقييد فنجملها بما يلي:

١ - إن العامل بالناسخ لا يكون عاملا بالمنسوخ قطعا، بينما العامل بالمقيد هو عامل بالمطلق حتما.

٢ - من شروط النسخ تأخر الناسخ عن المنسوخ، وليس هذا بلازم في المطلق والمقيد إذ قد يتأخر المقيد عن المطلق أو يلازمه أو يتقدم عليه، وفروق أخرى لم نذكرها.

هذه الشروط التي نرى أن من الضرورة معرفتها، ولا يفوتنا أخيرا ذكر قاعدة صلبة في التفريق بين التخصيص والتقييد، وهي أن العامل بالمقيد هو عامل بالمطلق، بينما العامل بالمخصص لا يكون عاملا بالعامّ، فمن صام شهرين متتابعين فقد صام شهرين قطعا، كما بينا في الأمثلة السابقة، أما فيما يتعلق بالعامّ والخاصّ فلا يكون من رجم الزاني المحصن قد عمل بالعامّ بوجه من الوجوه، لعدم وروده أصلا في النصّ العامّ.

<<  <   >  >>