للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مطالعة في متونه ورجاله، وجمع التفسير، وشرع في كتاب كبير في الأحكام لم يكمل، وجمع التاريخ الذي سماه البداية والنهاية، وعمل طبقات الشافعية، وشرع في شرح البخاري ... وكان كثير الاستحضار حسن المفاكهة، وسارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته، ولم يكن على طريق المحدثين في تحصيل العوالي، وتمييز العالي من النازل، ونحو ذلك من فنونهم، وإنما هو من محدثي الفقهاء، وقد اختصر مع ذلك كتاب ابن الصلاح وله فيه فوائد» وقال عنه الذهبي في المعجم المختص: «الإمام المفتي المحدث البارع، فقيه متفنن، محدث متقن، مفسر نقال، وله تصانيف مفيدة» وقال ابن حبيب فيه: «زعيم أرباب التأويل، سمع وجمع وصنف، وأطرب الأسماع بالفتوى وشنف، وحدث وأفاد، وطارت أوراق فتاويه في البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير» وقال فيه أحد تلاميذه ابن حجر: «أحفظ من أدركناه لمتون الحديث، وأعرفهم بجرحها ورجالها، وصحيحها وسقيمها، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك، وما أعرف أني اجتمعت به على كثرة ترددي عليه إلا واستفدت منه».

[التعريف بتفسيره (تفسير القرآن العظيم) وطريقته فيه:]

تفسير ابن كثير من أشهر ما دوّن في التفسير بالمأثور، ويعتبر في هذه الناحية الكتاب الثاني بعد كتاب ابن جرير، اعتنى فيه مؤلفه بالرواية عن مفسري السلف، ففسر فيه كلام الله تعالى بالأحاديث والآثار مسندة إلى أصحابها، مع الكلام عما يحتاج إليه جرحا وتعديلا، وتفسيره مطبوع في أربعة أجزاء كبار، وصدرت أخيرا طبعة محققة في ثمانية أجزاء (١). وقد قدم له مؤلفه بمقدمة طويلة هامة، تعرض فيها لكثير من الأمور التي لها تعلق واتصال بالقرآن وتفسيره، ولكن أغلب هذه المقدمة مأخوذ بنصه من كلام شيخه ابن تيمية، الذي ذكره في مقدمته في أصول التفسير.


(١) صدرت الطبعة المحققة الطبعة الأولى ١٤١٨ هـ- ١٩٩٧ م، عن دار طيبة للنشر والتوزيع، تحقيق سامي بن محمد السلامة.

<<  <   >  >>