للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما طريقة مؤلفه في التفسير فإنه يذكر الآية، ثم يفسرها بعبارة سهلة موجزة، وإن أمكن توضيح الآية بآية أخرى ذكرها، وقارن بين الآيتين، حتى يتبين المعنى ويظهر المراد، وهو شديد العناية بهذا النوع من التفسير الذي يسمونه تفسير القرآن بالقرآن، وهذا الكتاب أكثر ما عرف من كتب التفسير سردا للآيات المتناسبة في المعنى الواحد. ثم بعد أن يفرغ من هذا كله، يشرع في سرد الأحاديث المرفوعة التي تتعلق بالآية، ويبين ما يحتج به وما لا يحتج به منها، ثم يردف هذا بأقوال الصحابة والتابعين ومن يليهم من علماء السلف.

ونجد ابن كثير يرجح بعض الأقوال على بعض، ويضعف بعض الروايات، ويصحح بعضا آخر منها، ويعدل بعض الرواة ويجرح بعضا آخر، وهذا يرجع إلى ما كان عليه من المعرفة بفنون الحديث وأحوال الرجال.

وكثيرا ما نجد ابن كثير ينقل من تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم وتفسير ابن عطية، وغيرهم ممن تقدمه.

[موقفه من الإسرائيليات:]

ما يمتاز به ابن كثير في تفسيره أنه ينبه إلى ما فيه من الإسرائيليات، ويحذر منها على وجه الإجمال تارة، وعلى وجه التعيين والبيان لبعض منكراتها تارة أخرى.

ومثال ذلك تفسيره لقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً .. [البقرة: ٦٧] إلى آخر الآيات نراه يقص لنا قصة طويلة وغريبة عن طلبهم للبقرة المخصوصة، وعن وجودهم لها عند رجل من بني إسرائيل كان من أبر الناس بأبيه ... إلخ، ويروي كل ما قيل في ذلك عن بعض علماء السلف ... ثم بعد أن يفرغ من هذا كله يقول ما نصه: «وهذه السياقات عن عبيدة وأبي العالية والسدي وغيرهم فيها اختلاف، والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها ولكن لا تصدق ولا تكذب، فلهذا

لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا. والله أعلم» (١).


(١) ج ١ ص ١٠٨ - ١١٠.

<<  <   >  >>