للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علمه إلى الله سبحانه، وهذا في الغالب يكون عند ذكره للروايات التي لا يلزم التصديق بها مساس بالدين، وإما أن ينبه على درجة الرواية ومبلغها من الصحة أو الضعف ولو بطريق الإجمال، وهذا في الغالب يكون عند الروايات التي لها مساس بالدين وتعلق به. فعند قوله تعالى: وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً [القصص: ٣٨] قال: روي أنه لما أمر ببناء الصرح، جمع هامان العمال حتى اجتمع خمسون ألف بناء سوى الأتباع والأجراء، وأمر بطبخ الآجر والجص ونجر الخشب وضرب المسامير، فشيده حتى بلغ ما لم يبلغه بنيان أحد من الخلق، وكان الباني لا يقدر أن يقوم على رأسه يبني، فبعث الله تعالى على جبريل عليه السلام عند غروب الشمس فضربه بجناحه فقطعه ثلاث قطع، وقعت قطعة على عسكر فرعون فقتلت ألف ألف رجل، ووقعت قطعة في البحر، وقطعة في المغرب، ولم يبق أحد من عماله إلا قد هلك، ويروى في هذه القصة أن فرعون ارتقى فوقه فرمى بنشابه إلى السماء، فأراد الله أن يفتنهم، فردت إليه ملطوخة بالدم، فقال: قد قتلت إله موسى، فعندها بعث إليه جبريل عليه السلام لهدمه والله أعلم بصحته.

فهذه القصة صدرها الزمخشري لفظ (روي) المشعر بضعفها، وعقب عليها بقوله (والله أعلم بصحته) مما يدل على أنه متشكك في صحة هذه الرواية، مع أن القصة لا مطعن فيها ولا مغمز من ورائها يلحق بالدين، ولهذا اكتفى الزمخشري بما ذكر في حكمه عليها.

[٢ - الرازي وتفسيره مفاتيح الغيب (٥٤٣ - ٦٠٦ هـ):]

هو فخر الدين محمد بن عمر بن الخطيب الرازي، عربي قرشي من سلالة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

ولد في الري، ونشأ في البلاد الأعجمية وعاش فيها، استقرت أسرته في طبرستان، نسب إلى مدينة الري. وكما نسب إليها أبو بكر الرازي المعروف بالجصاص، وكذلك أبو بكر بن زكريا الرازي عالم الطب والكيمياء.

<<  <   >  >>