للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما هو جدير بالذكر، أن أبا حيان كان كثيرا ما ينقل عن الزمخشري وابن عطية بخاصة في المسائل النحوية، لكنه كان كثيرا ما يتعقبهما وينقدهما، ولكثرة هذه التعقيبات قام تلميذه تاج الدين أحمد بن عبد القادر باختصار البحر المحيط في كتاب أسماه (الدر اللقيط من البحر المحيط)، اقتصر في معظمه على ردوده على ابن عطية والزمخشري.

[عنايته بالقراءات المتواترة والشاذة:]

لقد ركز أبو حيان على علم القراءات باعتبارها أداة يحتاجها المفسر في تفسيره، وركيزة يقوم عليها تفسير كتاب الله عز وجل لإظهار معانيه العظيمة، وما يشتمل عليه من دقيق الألفاظ وتناسبها، لقد صرح بذلك في مقدمة تفسيره، وهو يوضح ما يحتاجه المفسر إذا هو أقدم على هذه المهمة الخطيرة فقال:

«الوجه السابع: اختلاف الألفاظ بزيادة أو نقص، أو تغيير حركة، أو إتيان لفظ بدل لفظ، وذلك بتواتر وآحاد، ويؤخذ هذا الوجه من علم القراءات» (١).

لذلك، فإننا نجده، إلى جانب اهتمامه بالعلوم اللغوية والنحوية، يبدي اهتماما بالغا بالقراءات المتواترة ويعتبرها في درجة واردة ومستنكرا الترجيح.

قال أبو حيان: (وهذا الترجيح الذي يذكره بين القراءتين لا ينبغي، لأن هذه القراءات كلها صحيحة ومروية وثابتة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولكل منها وجه ظاهر حسن في العربية فلا يمكن ترجيح قراءة على قراءة» (٢).

أما موقفه من الشاذ فإنه يتلخص في تضعيفها وردها والتنبيه عليها.

[اهتمامه بالأحكام الفقهية:]

لقد عرض أبو حيان للمسائل والأحكام الفقهية ولكن بقدر، فكان يذكر الأحكام الواردة في بعض الآيات، دون ذكر أدلة الأحكام، أو مناقشتها، أو ردها، أو


(١) أبو حيان، البحر المحيط ١/ ٧.
(٢) أبو حيان ٢/ ٢٦٥.

<<  <   >  >>