للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المثال الثاني: وهو مما أضرب عنه وأسقطه، لأنه يتنافى مع عصمة الأنبياء عند تفسير قوله تعالى: وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ [ص: ٢١].

قال أبو حيان: «وذكر المفسرون في هذه القصة أقوالا لا تتناسب مع مناصب الأنبياء فضربنا عن ذكرها صفحا وتكلمنا على ألفاظ الآية» (١).

هذا ومع شدة حذر أبي حيان تجاه الإسرائيليات والاحتياط من مغبة الوقوع فيها، إلّا أن تفسيره لم يخل منها، وهذا يعني أنه نقلها عن غيره من المفسرين، أو غفل عن ردها، أو تضعيفها (٢).

[رده على الفرق الإسلامية:]

إن أبا حيان يمثل الاتجاه السلفي، ويثبت عقيدة أهل السنة والجماعة في نفي الشبه والمكان والجسمية.

ففي قوله تعالى: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ [المائدة: ٦٤]، قال: «معتقد أهل الحق أن الله تعالى ليس بجسم ولا جارحة ولا يشبّه بشيء من خلقه، ولا يكيف ولا يتحيّز وكل هذا مقرر في علم أصول الدين» (٣).

ومما رد به على الفرق أيضا، وأثبت عقيدة أهل السنة والجماعة، عند تفسير قوله تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا [البقرة: ٢٦].

قال: «وأهل السنة يعتقدون أن الله مريد بإرادة واحدة أزلية موجودة بذاته، والقدرية والمعتزلة والنجارية والجهمية وبعض الرافضة نفوا الصفات التي أثبتها أهل السنة (٤).


(١) أبو حيان، البحر المحيط ٤/ ٥٧، ٧/ ٢٩١، ٨/ ٢٨٩.
(٢) أبو حيان، البحر المحيط ١/ ٢٠٧. ٥/ ٢٧٩.
(٣) أبو حيان، البحر المحيط ٣/ ٥٢٣، وانظر أيضا تفسيره للاستواء ٤/ ٣٠٧.
(٤) أبو حيان، البحر المحيط ١/ ١٢٤. ينظر أيضا الرد على المعتزلة والتشنيع عليهم ١/ ٢٥٤، ٤/ ٣٨٢ - ٣٨٣.

<<  <   >  >>