للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول تعريف الوحي لغة وشرعا]

[١ - المعنى اللغوي:]

الوحي مصدر بمعنى الإشارة السريعة الخفية، يقال: أوحيت إلى فلان، إذا كلمته بسرعة وخفية، وأوحى وأومأ إلى فلان بمعنى أشار، وأوحى الله إليه ألهمه (١)، وقد ورد في القرآن الكريم استعمال هذه المعاني، من ذلك:

أ- الإلهام الغريزي للحيوان كقوله تعالى: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ [النحل: ٦٨].

ب- الوسوسة بالشر سواء أصدرت من إنسان إلى إنسان أم من شيطان، قال تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً [الأنعام: ١١٢].

وفي السورة نفسها: ... وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ ...

[الأنعام: ١٢١].

ج- وبمعنى أشار وأومأ ورد قوله تعالى في سورة مريم عن زكريا عليه السلام:

فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا [مريم: ١١].

فالوحي هنا لا يجوز أن يكون المراد به الكلام، لأن الكلام كان ممتنعا عليه؛ لقوله تعالى في الآية التي قبلها: ... قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا [مريم: ١٠].


(١) معجم مقاييس اللغة لابن فارس ٦/ ٩٣، مادة وحي. فالواو والحاء والحرف المعتل: أصل يدل على إلقاء علم إلى غيرك، فالوحي الإشارة، والوحي الكتاب والرسالة، وكل ما ألقيته إلى غيرك حتى علمه فهو وحي كيف كان.

<<  <   >  >>