للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمثلهما، ولا للآية ولا لذلك القياس ولكنه رآه واجبا فلا تؤخذ عليه أجرة، وقد أفتى متأخروا والحنفية بجواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن والفقه، قال فى الدرر وشرحه «ويفتى اليوم بصحتها أى الإجارة لتعليم القرآن والفقه، والأصل أن الإجارة لا تجوز عندنا على الطاعات والمعاصى، لكن لما وقع الفتور فى الأمور الدينية جوّزها المتأخرون» أهـ (١).

لم ير ابن عاشور فى هذه الآية علاقة بينها وبين المسألة التى جعلها المفسرون متعلقة بها، وهى مسألة أخذ الأجر على تعليم القرآن والعلم وبعض ما فيه عبادة كالآذان وإمامة الصلاة. وعلى الرغم من ذلك يتناول هذه المسألة فيذكر من قال بجواز ذلك وهم الحسن وعطاء والشعبى وابن سيرين ومالك والشافعى وأحمد وأبو ثور والجمهور، وحجتهم فى ذلك الحديث المذكور، وهؤلاء لا يرون أن هذه الآية لا علاقة لها بهذه المسألة المتقدمة، فالمقصود بالاشتراء معناه المجازى لا الحقيقى حيث لا استبدال ولا عدول ولا إضاعة.

وقد شغلت هذه المسألة أذهان الفقهاء والعلماء كما جاء فيما نقله ابن رشد، وما ذكره ابن عاشور من" المدونة" فى جواز أخذ هذا الأجر، ومنهم من منع ذلك كابن شهاب وأبو حنيفة وإسحاق بن راهويه، وبما روى عن أبى هريرة وعبادة بن الصامت.

وبعد أن ذكر ابن عاشور إنه لا دليل على ما أجاب به القرطبى وإن هذه المسألة شغلت الناس فى صدر الإسلام، وقد منع أخذ الأجر هذا لظروف الدعوة وأحوال الناس إبّان ذلك، واستبعد أن تكون الآية المذكورة متعلقة بهذا الغرض.


(١) التحرير والتنوير، ج ١، ص ٤٦٧.

<<  <   >  >>