للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موضع قدمه قرية، وخطوه مفازة حتى انتهى إلى مكة، وأنزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة، فكانت على موضع البيت الآن فلم يزل يطوف به، حتى أنزل الله الطوفان فرفعت تلك الياقوتة، حتى بعث الله إبراهيم عليه السلام، فبناه، فذلك قوله تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) (١).

لكن ابن جرير ساق القصة دون أي تعليق، أو تبيان لدرجة الوضع!! ورحم الله الحافظ ابن كثير عند ما قال: ولم يجئ في خبر صحيح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم أن البيت كان مبنيا قبل الخليل عليه السلام، ومن تمسك في هذا بقوله: (مَكانَ الْبَيْتِ) فليس بناهض ولا ظاهر، لأن مراده: مكان المقدر في علم الله تعالى، المقرر في قدرته، المعظم عند الأنبياء موضعه من لدن آدم إلى زمان إبراهيم (٢).

[٤ - في هجران المرأة الناشز:]

في قوله تعالى: (وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) (٣)، يقول أحد المفسّرين: معنى (وَاهْجُرُوهُنَّ):

أكرهوهن على الجماع واربطوهن، من هجر البعير إذا شدّة بالهجار!! ويعلّق الزمخشري على ذلك بقوله: وهذا من تفسير الثقلاء (٤).

وهذا أمر من الغرابة بمكان!! فإذا كانت الزوجة ناشزا عاصية زوجها، فكيف يقال له أن يكرهها على الجماع، فإذا أبت وعاندت، فعليه أن يربطها؟!

إنه مخالف لأبسط قواعد الشريعة، والتي أمرت الزوج أن يرسل


(١) تفسير الطبري: ١/ ٤٢٨، والآية من سورة الحج: ٢٦.
(٢) البداية والنهاية: ٢/ ٢٩٩.
(٣) النساء: ٣٤.
(٤) الكشاف: ٢/ ٧٠.

<<  <   >  >>