للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الدولة قبل هتلر لا يعدم فيها كل جذور السياسة الهتلرية عند أكبر فلاسفة الألمان مثل كنت وهيجل ونيتشه، وكلهم قد ماتوا قبل ظهور البروتوكولات، وقبل تكوين روزنبرغ فلسفته السياسية التي لا تعدو أن تكون صورة ناصلة مضطربة للفلسفة السياسية عند من سبقوه من كبار فلاسفة الألمان، وان كانت صورته أكثر عصرية.

والمطلعون على فلسفة التاريخ يعلمون من حقائقه منذ أقدم العصور إلى أحداثها أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم في أمة إنما تقوم على روح الأمة وأحالها التي تكونها وتجددها في بطء وأناة مفرطة، وقد صورت هذه العلاقة أبلغ صورة وأوجزها في إحدى جوامع الكلم النبوية "كما تكونوا يولّ عليكم".كما صور الزعيم الجاهلي "الأفوه الأودي" أهم جوانب هذه العلاقة على اختلاف أحوال الأمم الاجتماعية والسياسية في أبياته الحكيمة البليغة إذ قال:

"والبيت لا يبتنى الا له عمد ولا عماد إذا لم ترس أوتاد

فإن تجع أوتاد وأعمدة وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا

تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت فإن تولت فبالأشرار تنقاد

إذا تولى سراة الناس أمرهم نما على ذاك أمر القوم فازدادوا"

وكذلك ألمع أديبنا المصري السيد توفيق البكري إلى أساس الطغيان، إذ قال على نور ماتقدم وغيره.

"لا تعجبوا الظلم يغشى أمة فتبوء منه بفادح الأثقال

ظلم الرعية كالعقاب لجهلها ألم المريض عقوبة الاهمال

وقد يعلم المطلعون على التاريخ أن الطغيان أعرق اساليب الحكم في اعرق

<<  <   >  >>