للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خطرها في تقويم العمل الأدبي عامة، أمّا في القصة، فإن لها شأنا آخر، إذ يجب أن تكون وظيفيّة أي أن تجمع بين الفائدة القصصية، والروعة البيانية» «٦».

والصورة القرآنية، تحقق هذه الوظيفيّة التي أشار إليها الدكتور محمد يوسف نجم في عبارته الآنفة الذكر. فهي تؤدي أغراضا دينية في تصوير القصص كإثبات الوحي والرسالة، ووحدة الرسل، ووحدة الرسالة السماوية، والمواقف المتشابهة للناس من دعوة الرسل، وانتصار دعوة الله في نهاية المطاف، بتدمير الكافرين ... الخ في الوقت الذي تؤدي وظيفة فنية أيضا، وبتلاحم الغرض الديني والغرض الفني، يتحقق الأثر النفسي الذي يعدّ «الطاقة المحركة فيها» «٧» كما يقول محمد يوسف نجم.

فتصوير الأحداث والشخصيات والمشاعر الإنسانية، يؤدي إلى تحقيق هذا الأثر النفسي الذي يبقى في النفوس بعد قراءة القصص القرآني.

ويصعب الوقوف على جميع القصص القرآني الواردة في القرآن، لغزارتها، فهي تحتاج إلى عمل آخر مستقل ويكفينا هنا أن نقف على وظيفة الصورة في رسم الأحداث والشخصيات والعواطف الإنسانية، لأن هذا هو بحثنا في هذا الكتاب.

وسوف أتوقّف عند بعض القصص، لكي أوضّح وظيفة الصورة من خلالها، حسب الفقرات الآتية:

أ- تصوير الأحداث

تعتبر الأحداث عنصرا هاما من عناصر القصة، وهي مرتبطة بعنصر آخر، هو «الشخصيات»، فهما العنصران البارزان في كل قصة، إذ لا يمكن أن نتصور أشخاصا بلا أحداث تجري في حياتهم، ولا أحداثا بلا أشخاص، ولكن يلاحظ في القصة القرآنية غلبة أحد العنصرين على الآخر أحيانا. فقد تبرز الأحداث فيها، ويشتد التركيز عليها، لأنها هي موضع العظة والاعتبار، ولكن هذا لا يعني خلوّها من العنصر الآخر مهما كان.

والأحداث في القصة القرآنية، ذات طبيعة خاصة، تظهر فيها قدرة الله سبحانه،


(٦) فن القصة: محمد يوسف نجم، ص ١١٥.
(٧) فن القصة: ١٤.

<<  <   >  >>