للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأنثوية، وما فيها من عاطفة وانفعال وضعف، كما أنّ الشخصيات النسائية متباينة، فهناك المرأة المنحرفة، والمرأة المستقيمة والشابة، والعجوز، وهناك ذات الحياء، وعديمة الحياء ..

ولكن القرآن لا يسلّط الأضواء على لحظات الضعف والانحراف إلا بمقدار ما يخدم الوظيفة الدينية للتصوير.

ج- تصوير العواطف والانفعالات:

ويرتبط تصوير العواطف والانفعالات، بتصوير الشخصيات ...

وقد وقفت عند دور الصورة في نقل الحالات النفسية وتجسيمها في الفصل الأول، ولكن الحديث هنا مرتبط بالتصوير القصصي الذي يشمل الحوادث، والشخصيات، والعواطف والانفعالات، وقصة «يوسف» غنيّة بأحداثها وأشخاصها، وانفعالاتها، وعواطفها، نتوقّف عندها لإثبات ظاهرة التصوير للعواطف والانفعالات في القصة، لتكون نموذجا تطبيقيا، يمكن أن يقاس عليه في دراسة القصص الأخرى.

فامرأة العزيز تهيم حبا بيوسف بعد أن بلغ أشدّه، واكتملت ملامح الرجولة والجمال فيه، فراودته عن نفسه، ولكنه أبى واستعصم. قال تعالى في تصوير حالتها النفسية:

وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ، وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ، وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ ... يوسف: ٢٣.

وتكاد ترتسم عاطفتها الثائرة في كل لفظة من ألفاظ التعبير، وإيحاءات التصوير، فلفظ «راودته» يفيد الإلحاح، وتكرار المراودة، ثم «غلّقت» يفيد إحكام غلق الأبواب، ثم «في بيتها» يفيد الخلوة ثم هَيْتَ لَكَ يوحي بمنتهى ضعفها واستسلامها.

فهي لم تكتف بالطلب وتكراره، ولكنها هذه المرة هيأت كلّ الأجواء لتنفيذ طلبها، فغلّقت الأبواب وأتبعت ذلك بالدعوة الصريحة في ضعف الأنثى واستسلامها «هيت لك». ويرسم القرآن الكريم خفقان القلوب واضطرابها في مشهد حي شاخص، نراها تطارده في البيت الخالي كالمحمومة وهو يهرب منها، حتى ألفيا سيدها لدى الباب وهي على هذه الحالة من الهيجان والانفعال، يقول تعالى: وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ.

وهذا التصوير يقصد به تصوير انفعالات جديدة، في مثل هذه الحالات والظروف

<<  <   >  >>