للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل السادس النماذج الإنسانيّة

يعتمد تصوير النماذج، على الفن القصصي غالبا، لأن القصة بأحداثها وأشخاصها، وبنائها الفني، ترسم صورا إنسانية متفاعلة مع الأحداث والمواقف والطباع والمشاعر، ولهذه الصور الإنسانية صفة الشمول والديمومة، حتى ترتقي، لتصبح نماذج مكررة، غير محدودة بزمان ومكان، وأشخاص، كما في القصة، وإنما هي مبادئ وأفكار ممثّلة في النماذج المكررة التي لها صفة الديمومة والشمول.

وقد ترسم هذه النماذج مباشرة، بالألفاظ الموحية، واللمسة الفنية السريعة الخاطفة، كما سنرى بعد قليل، بدون الاعتماد على القصة الفنية. والصورة حين تقوم برسم هذه النماذج، فإنها تهدف إلى التنويع في وظائفها، لتحقيق التأثير الديني، الذي هو غاية التصوير الأساسية، لأن طبيعة الإنسان، تتأثّر بالنماذج الإنسانية، فتندفع إلى محاكاتها أو الابتعاد عنها.

وقبل أن نتوغّل في تصوير النماذج الإنسانية في القرآن الكريم، علينا أولا أن نحدد مدلول كلمة «النماذج» من الناحية اللغوية والأدبية.

فقد ذكر «الفيروزآبادي» أن معنى النموذج، بفتح النون هو «مثال الشيء». وقال إن الكلمة «معرّبة» و «الأنموذج» لحن. ولكن العلماء تعقّبوه. ولم يوافقوا قوله.

وقالوا: «هذه دعوى لا تقوم عليها حجة، فما زالت العلماء قديما وحديثا يستعملونه من غير نكير، حتى إن الزمخشري، وهو من أئمة اللغة سمّى كتابه في النحو «الأنموذج» والنووي في المنهاج عبّر به في قوله «أنموذج المتماثل» ولم يتعقبه أحد من الشرّاح» «١».


(١) انظر القاموس المحيط: ص ٢٦٦ - المادة نفسها- وانظر التعليق في هامش الصفحة.

<<  <   >  >>