للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التكامل والتواصل، وشغلها أيضاً عن مواصلة حركتها العلمية بحمل السلاح والدفاع عن الحرمات والأوطان، وهكذا اتسع الفارق بين الغرب والمسلمين من جديد. (١)

فمن هذه الدراسة الواعية لمحمود شاكر نرى بوضوح تجربة من تجارب الاستعمار، وأنموذجاً من الكيد الاستعماري الذي استمر طوال قرنين من الزمان.

[أعمال الاستعمار]

وخلال تاريخ الحركة الاستعمارية الغربية للعالم الإسلامي وبقية المستعمرات أظهر المستعمر الغربي صوراً قاتمة كالحة ملؤها الظلم والقهر والاستغلال.

فعلى الصعيد الإنساني ارتكب المستعمرون مجازر بحق الشعوب التي قامت تدافع عن دينها وخيراتها، فقد بلغت أعداد قتلى المسلمين في الهند حتى عام ١٨٨٠م مليون مسلم سقطوا على يد الإنجليز، ومثله كانت الجزائر بلد المليون شهيد.

وكان البرتغاليون قد أحدثوا مجازر عند سيطرتهم على الشواطئ الهندية، ويسجل القائد البرتغالي البوكيرك بفخر بعضاً منه وهو يخاطب ملك البرتغال مهنئاً إياه بالسيطرة على مقاطعة جوا الهندية فيقول: " وبعد ذلك أحرقت المدينة، وأعملت السيف في كل الرقاب، وأخذت دماء الناس تراق أياماً عدة .... وحيثما وجدنا المسلمين لم نوقر معهم نفساً، فكنا نملأ بهم مساجدهم، ونشعل فيها النار، حتى أحصينا ستة آلاف روح هلكت، وقد كان ذلك يا سيدي عملاً عظيماً رائعاً أجدنا بدايته وأحسنا نهايته ".

وفي مدغشقر قتلت القوات الفرنسية ثمانين ألف في ضربة واحدة للثائرين من سكان الجزيرة، فيما أعمل الإنجليز القتل في قبائل ماو ماو الأفريقية، ثم ادعوا أن وحوشاً مفترسة ظهرت في المنطقة وتخطفت الآلاف إلى مصارعهم.

وفي الجزائر يقول الجنرال الفرنسي شان: " إن رجاله وجدوا التسلية في جز رقاب المواطنين من رجال القبائل الثائرة في بلدتي الحواش وبورقيبه ".

ويخط الماريشال سانت أرنو إلى زوجته بعض ما صنعه وجنوده في الجزائر فيقول: " إن بلاد بني منصر بديعة، وهي من أجمل ما رأيت في أفريقيا، فقُراها متقاربة، وأهلها متحابون،


(١) انظر: تاريخ عجائب الآثار، الجبرتي (١/ ١١، ٢/ ١٩٦ - ٢١٢)، رسالة الطريق إلى ثقافتنا، محمود شاكر، ص (٩٢ - ١٤٥).

<<  <   >  >>