للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالطَّرْفُ يَشْرَبُ مِن كِؤوسِ جَمَالِهَا ... فَتَراهُ مِثْلَ الشَّارِب النَّشْوَانِ

كَمُلَتْ خَلاَئِقُهَا وأَكْمِلَ حُسْنُهَا ... كالبَدْرِ لَيلَ السِّتِ بَعْدَ ثَمَانِ

والشَّمْسُ تَجْرِيْ في مَحَاسِنِ وَجهِهَا ... والليلُ تَحتَ ذوائِبِ الأغْصَانِ

فَتَرَاهُ يَعْجَبُ وَهُوَ مَوْضِعُ ذَاكَ مِن ... لِيلٍ وَشَمْسٍ كَيفَ يَجْتَمِعَانِ

فَيَقُولُ سُبْحَانَ الذِيْ ذَا صُنْعُه ... سُبْحَانَ مُتْقِنِ صَنْعَةَ الإنسانِ

وَكِلاَهُمَا مِرْآةُ صَاحِبِهِ إذا ... مَا شَاءَ يُبْصِر وَجْهَهُ يَرَيَانِ

فَيَرَى مَحَاسِنَ وَجْهِهِ في وَجْهِهَا ... وَتَرَى مَحَاسِنَهَا به بِعَيْنَانِ

حُمْر الخُدُوْدِ ثُغُورُهُنَّ لآليِءٌ ... سُودُ العُيُونِ فَوَاتِرُ الأجْفَانِ

والبَدْرُ يَبْدُو حِينَ يَبْسُمُ ثَغْرُهَا ... فَيُضِيءُ سَقْف القَصْر بالجُدْرَان

وَلَقَدْ رَوَيْنَا أنَّ بَرْقًا ساطِعِاً ... يَبْدُوْ فَيَسْألُ عنه مَن بِجِنَانِ

فَيُقَالُ هَذَا ضَوْءُ ثَغْرٍ ضَاحِكٍ ... في الجنةِ العُلْيَا كَمَا تَريَانِ

لله لاثِمُ ذَلِكَ الثَّغْر الذي ... في لَثْمِهِ إدْرَاكُ كُلِ أَمَانِ

رَيَانَةُ الأعْطَافِ مِن مَاءِ الشَّبَا ... بِ فَغُصْنِهَا بالماءِ ذُو جَرَيَانِ

لما جَرَى مَاءُ الشبابِ بغُصْنِهَا ... حَمَلَ الثِمَارَ كَثِيْرَةَ الألْوَانِ

فَالوَرْدُ والتُّفَاحُ والرُّمَانُ فِي ... غُصْنٍ تَعَالَى غَارِسُ البُسْتَانِ

وَالقَدُّ مِنْهَا كَالقَضِيبِ اللدن في ... حُسْنِ القوام كأَوْسَطِ القُضْبَانِ

إلى أن قال رحمه الله:

وَإْذَا بَدت فِي حُلَّةٍ مِنْ لُبْسِهَا ... وَتَمَايَلَتْ كَتَمَايُلِ النَّشْوَانِ

تَهْتَزُّ كَالغُصْنِ الرَّطِيْبِ وَحَمْلُه ... وَرْدٌ وَتفَاحٌ عَلَى رُمَّانِ

وَتَبَخْتَرَتْ فِي مَشْيِهَا وَيَحقُ ذَا ... كَ لِمْثْلِهَا فِي جَنَّةِ الْحَيَوانِ

وَوَصَائِفٌ مِن خَلْفِهَا وَأَمَامِهَا ... وَعَلَى شَمَائِلهَا وَعَن أَيْمَانِ

كَالبَدْرِ لَيْلَةَ تِمِّهِ قَدْ حُفَّ فِي ... غَسَقِ الدُّجَى بِكَواكِبِ الْمِيزَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>