للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكُلُّ سَلامَةٍ تَعِدُ المَنَايَا، ... وكُلُّ عِمارَةٍ تَعِدُ الخَرابَا

وكُلُّ مُمَلَّكٍ سَيَصِير يَوْمًا، ... وما مَلَكَتْ يَداهُ مَعًا تُرابَا

أبَتْ طَرَفَاتُ كُلِّ قَريرِ عَين ... بَها، إلاّ اضْطِرابًا وانْقِلابَا

كَأَنَّ مَحَاسِنَ الدّنْيا سَرابٌ، ... وأيُّ يَدٍ تَنَاوَلتِ السرَّابَا ...

وإنْ يَكُ مُنْيَةٌ عَجِلِتْ بِشَيءٍ ... تُشَرُّ به، فإِنَّ لَهَا السرَّابَا

فَيا عَجَبَا تَمُوتُ، وأَنتَ تَبْني، ... وتَتَّحِذ المَصانِعَ والقِبَابَا

أَرَاكَ، وكُلَّمَا فَتَّحْتَ بَابًا ... مِنَ الدّنْيا، فَتَحْتَ عَلَيْكَ نَابَا

ألمْ تَرَ أنّ غُدْوَةَ كُلِّ يَوْمٍ، ... تَزيْدُكَ، مِن مَنِيَّتِكَ، اقْترَاباَ

وحُقّ لِمُوْقِنٍ بالمَوْتِ أَنْ لاَ ... يُسَوِّغَهُ الطّعامَ، ولا الشّرَابَا

يُدَبِّرُ ما تَرَى مَلِكٌ عَزيْزٌ، ... بِهِ شَهِدَتْ حَوادِثُهُ وغَابَا

أَلَيْسَ اللهُ في كُلٍ قَرِيْبًا؟ ... بَلَى! مِن حَيثُ ما نُوُدِي أَجَابَا

ولم تَرَ سَائِلاً للهِ أَكْدَى، ... ولمْ تَرَ رَاجِيًا للهِ خَابَا

رَأَيْتَ الرُّوْحَ جَدْبَ العَيشِ لَمَّا ... عَرفتَ العَيشَ مَخْضًا، واحْتِلابَا

ولَسْتَ بِغَالِبِ الشَّهَوَاتِ، حَتَّى ... تُعدِّ لَهُنَّ صَبْرًا واحْتِسَابَا

فكُلُّ مُصيبَةٍ عَظُمَتْ وجَلّتْ ... تَحِفّ، إذا رَجوْتَ لَها ثَوَابًا

كَبِرْنَا أَيُّهَا الأَتْرَابُ، حتى ... كأنا لم نكُنْ حِيْنًا شَبَابَا

وكُنَّا كالغُصُونِ، إذا تَشَنّتْ ... مِنَ الرّيحانِ مُونِعَةً واسْتِلابَا

ألاَ ما لِلكُهُولِ ولِلتّصابِي، ... إذا ما اغْتَرَّ مُكْتهَلٌ تَصَابَى

فَزِعْتُ إلى خِضابِ الشّيِبِ مِنّى ... وإنَّ نُصَولَهُ فَضَحَ الخِضَابَا

انْتَهَى

آخر:

لَيْتَ شِعْري سَاكَن القَبرِ المشِيْدْ ... هَلْ وَجَدْتَ اليومَ فيهِ مِن مَزيْدْ

وَهَل البَاطنُ فيهِ مثْلُ مَا ... هُوَ في الظَاهرِ تَزْوِيْقًا وَشِيْدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>