للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر:

عِلْمُ الحَدِيْثِ أجِلُّ السُّؤلِ والوَطَر ... «بَعْدَ الكِتَابِ بلا شَكٍّ لَدَى البَشَرِ»

فافهَمْهُ واعْمَلْ بِهِ وادْعُ الأنام لَهُ ... واقْطعْ بِهِ العَيْشَ تَعْرِفْ لَذَّةَ العُمْرِ

وانْقُلْ رحالك عن مَغْنَاكَ مُرتَحلاً ... لِكَي تَفوزَ بنقِلِ العِلمِ والأَثَرِ

ولا تَقُلْ: عاقَني شُغْلٌ، فَلَيْسَ يُرى ... في التَّركِ لِلِعِلمِ مِنْ عُذرٍ لِمُعْتَذِرِ

وأَيُّ شُغْلٍ كَمِثْلِ العِلمِ تَطْلُبُه ... وَنَقْلِ ما قَدْ رَوَوْا عن سَيّدِ البَشَرِ؟

أَلْهَى عن العِلمِ أَقْوَامًا تَطَلُّبُهُمْ ... لَذَّاتِ دُنيا غَدَوا منها على غَرَرِ

وخَلّفُوا مالَه حَظٌّ ومَكْرُمَةٌ ... إلَى الَّتي هِي دَأْبُ الهُونِ والخَطَرِ

وأَيُّ فَخْرٍ بِدُنْيَاهُ لِمَنْ هَدَمَتْ ... مَعَائِبُ الجهلِ منه كُلَّ مُفْتَخَرِ؟!

لا تَفخَرَنّ بدنيا لا بَقَاء لَهَا ... وبالعَفافِ وكَسْب العِلمِ فافَتَخِرِ

يَفْنَى الرِجالُ وَيْبقَى عِلْمُهُمْ لَهُمُ ... ذِكْرًا يُجَدَّدُ في الآصالِ والبُكُرِ

ويَذهبُ الموتُ بالدنيا وصاحبها ... ولَيْسَ يَبْقَى لَهُ في الناسِ مِن أثَرِ

تَظُنُّ أنَّكَ في الدنيا أَخوُ كِبَرٍ ... وأنْتَ بالجهِل قد أصْبَحْتَ ذَا صِغَرِ

لَيْسَ الكَبيرُ عَظِيمُ القَدْر غَيْرَ فَتَى ... ما زَالَ بالعلمِ مَشْغُولاً مَدَى العُمُرِ

قَدْ زَاحَمَتْ رُكْبَتاهُ كُلَّ ذِي شَرَفٍ ... في العِلمِ والحِلْمِ لا في الفَخْرِ والبَطَر

فجالِسِ العُلماءَ المُقْتَدَى بِهِمُ ... تَسْتَجْلِبِ النفعَ أوْ تأَمَنْ مِنَ الضَّرَرِ

هُمْ سَادَةُ الناسِ حَقًّا والجُلُوسُ لَهُم ... زيادةٌ هكذا قدْ جَاءَ في الخَبرِ

والْمَرْءُ يُحْسَبُ مِن قَومٍ يُصَاحِبُهم ... فارْكَنْ إلَى كُلِّ صَافِي العِرْضِ عن كَدَرِ

فَمَنْ يُجَالِسْ كَرْيمًا نالَ مَكرُمَةً ... ولَمْ يَشِنْ عِرضَهُ شَيءٌ مِن الغِيرَ

كَصَاحِبِ العِطْرِ إنْ لَمْ تَستْفِدْ هِبَةً ... مِن عِطْرِهِ لَمْ تِخِبْ مِنْ ريحِهِ العَطِرِ

وَمَنْ يُجَالِسْ رَدِيءِ الطَّبْعِ يُرْدِ بِهِ ... ونالَه دَنَسٌ مِن عِرْضِهِ العَطِرِ

كَصَاحبِ الكِيرِ إن يَسْلَمْ مُجَالِسهُ ... مِن نَتْنِهِ لَمْ يُوَقَ الحَرْقَ بالشرَّرِ

وكُلُّ مَن لَيْسَ يَنْهِاهُ الحَياءُ ولا ... تَقوى فَخَفْ كُلَّ قُبْحٍ منه وانْتَظِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>