للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَنَّكَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَيَّ حَثٍّ ... يَحُثُّ بِكَ الشُرُوْقُ وَلا الْغُروبُ

أَلَسْتَ تَراكَ كُلَّ صَباحِ يَوْمٍ ... تُقَابِلُ وَجْهَ نائِبَةٍ تَنوبُ

لَعَمْرُكَ ما تَهُبُّ الريحُ إِلا ... نَعاكّ مُصَرِّحًا ذاكَ الْهُبوبُ

أَلاَ للهِ أَنْتَ فَتىً وَكَهْلاً ... تَلوحُ عَلى مَفارِقِهِ الذُّنوبُ

هُوَ الْمَوْتُ الَّذي لا بُدِّ مِنْهُ ... فَلا يَلْعَبْ بِكَ الأَمَلُ الُكّذوبُ

وَكَيْفَ تُريدُ أَنْ تُدْعى حَكيمًا ... وَأَنْتَ لِكُلِّ ما تَهْوى رَكوبُ

وَما تَعْمى الْعُيونُ عَنِ الْخَطايا ... وَلكِنْ إنَّما تَعْمى القْلُوبُ

وَتُصْبِحُ ضاحِكًا ظَهْرًا لِبَطْنٍ ... وَتَذْكُرُ ما اجْتَرَمْتَ فَلا تَذوبُ

أَلَمْ تَرَ، إنّما الدُّنْيا حُطامُ ... تَوَقَّدُ بَيْنَنا فيها الْحُروبُ

إِذا نافَسْتَ فيهِ كَساكَ ذُلاًّ ... وَمَسَّكَ في مَطالِبهِ اللُّغوبُ

أَراكَ تَغيبُ ثُمَّ تَؤوبُ يَوْمًا ... وَيُوشِكُ أَنْ تَغيبَ وَلا تُؤوبُ

أَتَطْلُبُ صاحِبًا لا عَيْبَ فيهِ ... وَأَيُّ النّاسِ لَيْسَ لَهُ عُيوبُ

رَأَيْتُ النّاسَ صالِحُهُمْ قَليلٌ ... وَهُمْ، وَاللهُ مَحْمودٌ، ضُروبُ

وَلَسْتُ مُسَمِّيًا بَشَرًا وَهوبًا ... وَلكِنَّ الإِلهَ هُوَ الْوَهوبُ

فَحاشَ لِرَبِّنا عَنْ كُلِّ نَقْصٍ ... وَحاشَ لِسائِليه أَنْ يَخيبوا

قال رحمه الله:

أَمَعَ المَماتِ يَطِيْبُ عَيْشُكَ يا أَخِيْ ... هَيْهَاتَ لَيْسَ مَعَ المَماتِ يَطِيْبُ

رُغْ كُيْفَ شِئْتَ عَنِ الْبِلى فَلَهُ عَلى ... كُلِّ ابْنِ أُنْثى حافِظٌ وَرَقِيْبُ

وَلَقَدْ حَلَبْتَ الدَّهْرَ أَشْطُرَ دَرِّهِ ... حِقَبًا وَأَنْتَ مُجَرِّبٌ وَأَرِيبُ

وَالمَوْتُ يَرْتَصِدً النُّفوسَ وَكُلُنا ... لِلْمَوْتِ فيهِ وَلِلتُّرابِ نَصِيْبُ

إنْ كُنْتَ لَسْتَ تَنُيِْبُ إنْ وَثَبَ الْبِلى ... بَلْ يا أَخِي فَمَتى أَرَاكَ تُنِيْبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>