للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَحَتى مَتى أنتَ ذو صَبْوَةٍ ... كَأنْ لَيْسَ تَزْدادُ إلا صِغَرْ

تُؤَمِّلُ في الأَرْضِ طولَ الْحَياةِ ... وعُمْرُكَ يَزْدادُ فيها قِصَرْ

أَرى لَكَ ألاَّ تَمَلَّ الْجَهَازَ ... لِقُرْبِِ الرَّحيلِ وبُعْدِ السَّفَرْ

وأنْ تَتَدَبَّرَ ماذا تَصيرُ ... إِلَيْهِ فَتُعْمِلَ فيهِ الْفِكَرْ

وأنْ تَسْتَخِفِّ بِدارِ الْغرورِ ... وأنْ تَسْتَعِدَّ لإِحْدى الُكُبَرْ

هِيَ الدّارُ دارُ الأَذى والْقَذى ... ودارُ الْفَناءِ ودارُ الْغَرَرْ

وَلَوْ نِلْتَها بِحذَافيرِها ... لَمِتَّ ولَمْ تَقْضِ مِنها الْوَطَرْ

لَعَمْري لَقَدْ دَرَجَتْ قَبْلَنا ... قُرونٌ لَنا فيهِمُ مُعْتَبَرْ

فَيا لَيْتَ شِعْري أبَعْدَ الْمَشيبِ ... سوى الْمَوْتِ مِنْ غائِبٍ يُنْتَظَرْ

كَأنَّكَ قَدْ صِرْتَ في حُفْرَةٍ ... وصارَ عَلَيْكَ الثَّرى وَالْمَدَرْ

فَلا تَنْسَ يَوْمًا تُسَجّى عَلى ... سَريرِكَ فَوْقَ رِقابِ الْبَشَرْ

وقَدِّمْ لِذاكَ فَإنَّ الْفَتى ... لَهُ ما يُقَدِّمُ لاَ مَا يَذَرْ

ومَنْ يَكُ ذا سَعَةٍ في الغِنَى ... يُعَظَّمْ وَمْن يَفْتَقِرْ يُحْتَقَرْ

وحتّى تَراهُ قَصيرَ الْخُطى ... بَطيءَ النهُّوضِ كَلِيلَ النَّظَرْ

أيا مَنْ يُؤَمِّلُ طولَ الْحَياةِ ... وطولُ الْحَياة عَلَيْهِ ضَرَرْ

إذا ما كَبِرْتَ وبانَ الشَّبابُ ... فَلا خَيْرَ في الْعَيْشِ بعْد الْكِبَرْ

آخر:

ونَفْسَكَ فازْجُرْهَا عن الغَي والخَنَا ... ولا تَتَّبعْها فَهْيَ أُسُّ المَفَاسِدِ

وحَاذِرْ هَواهَا ما اسْتَطَعْتَ فإنَهُ ... يَصُدُ عن الطاعاتِ غَيْرَ المُجَاهِدِ

وإن جِهَادَ النَّفسْ حَتْمٌ عَلى الفَتَى ... وإنَّ التُقَى حَقًا لَخَيْرُ المقَاصِدِ ...

فإنْ رُمْتَ أن تَحْظَى بِنَيْل سَعَادَةٍ ... وَتُعْطَى مَقَامَ السالِكينَ الأَمَاجِدِ

فبادِرْ بتَقْوىَ الله واسْلُكْ سَبِيْلَها ... وَلاَ تَتَّبعْ غَيَّ الرجيم المُعَانِدِ

وإِيَّاكَ دُنْيًا لا يَدُوْمُ نَعِيْمُهَا ... وإنكَ صَاحِ لَسْتَ فيها بِخَالِدِ

تَمَسَّكَ بِشَرعِ اللهِ والزمْ كَتابَهُ ... وبالعِلمِ فاعْمَلْ تَحْوِ كُلَّ المَحَامِدِ

انْتَهَى

<<  <  ج: ص:  >  >>