للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما أكْرَمَ الْعَبَدَ الْحَريصَ عَلى النَّدى ... وأشْرَفَ نَفْسَ الصّابِرِ الُمُتَعَفِّفِ

وقال:

ما لِلْفَتى مانِعٌ مِنَ الْقَدَرِ ... والُمَوْتُ حَوْلَ الْفَتى وبِالأَثَرِ

بَيْنا الْفَتى بِالصَّفاءِ مُغْتَبِطٌ ... حَتّى رَماهُ الزَّمانُ بِالْكَدَرِ

كمْ في اللَّيالي وَفي تَقَلُّبِها ... مِنْ عِبَرٍ لَلْفَتى ومِنْ فِكَرِ

سائِلْ عَنِ الأَمْرِ لَيْسَ تَعْرِفُهُ ... فَكُلُّ رُشْدٍ يَأْتيكَ في الْخَبَرِ

ما أَمْكَنَ الْقَوْلُ بِالصَّوابِ فَقُلْ ... واحْذَرْ إِذا قُلْتَ مَوْضِعَ الضَّرَرِ ...

ما طَيِّبُ الْقَوْلِ عِنْدَ سامِعِه الْـ ... ـمُنْصِتِ إِلاّ كَطَيِّبِ الثَّمَرِ

لِلشَّيْبِ في عارِضَيْكَ بارِقَةٌ ... تنْهاكَ عَمّا أرى مِنَ الأَشَرِ

ما لَكَ مُذْ كُنْتَ لاعِبًا مَرِحًا ... تَسْحَبُ ذَيْلَ السَّفاهِ والْبَطَرِ

تَلْعَبُ لَعْبَ الصَّغيرِ جَهْلاً وقَدْ ... عَمَّمَكَ الدَّهْرُ عِمَّةَ الْكِبَرِ

لَوْ كُنْتَ لِلْمَوْتِ خائِفًا وَجِلاً ... أقْرَحْتَ مِنْكَ الْجُفونَ بالْعِبَرِ

طَوَّلْتَ مِنْكَ الْمُنى وأنْتَ مِن الْـ ... أَيّامِ في قِلَّةٍ وفي قِصَرِ

للهِ عَيْنَاكَ تَكْذِبانِكَ في ... ما رَأَتا مِنْ نَصَرُّف الْغِيَرِ

يا عجبا لي أقمت في وطن ... ساكنه كلهم على سفر

ذَكَرْتُ أَهْلَ الْقُبورِ من ثِقَتي ... فانهل دمعي كوابل المطر

فقل لأَهْلِ الْقُبورِ: يا ثِقَتي! ... لَسْتُ بنِاسيكُمُ مَدى عُمُري

يا ساكِني باطِنَ الْقُبورِ أَمَا ... لِلْوارِدينَ الْقُبورَ مِنْ صَدَرِ

ما فَعَلَ التّارِكونَ مُلْكَهُمُ ... أهْلُ الْقِبابِ الْعظامِ والْحُجَرِ

هَلْ يَبْتَنونَ الْقُصورَ بَيْنَكُمُ ... أمْ هَلْ لَهُمْ مِنْ عُلا ومِنْ خَطَرِ

ما فَعَلَتْ مِنْهُمُ الْوُجوهُ أقَدْ ... بُدِّدَ عَنْها مُحاسِنُ الصُّوَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>