للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضًا:

مَا لِيْ أُفَرِّطُ فِيْمَا يَنْبَغي ما لِي ... إنِّي لأُغْبَنُ إِدْبارِي وإِقْبَالِي

الْيَوْمَ أَلْعَبُ والأَيْامُ مُسْرِعَةٌ ... في هَدْمِ عُمْري وَفي تَصْرِيفِ أحْوالِي

يَجْري الْجَديدانِ وَالأقْدارُ بَيْنهَما ... تَغْدو وَتَسْري بِأرْزاقٍ وَآجالٍ

يا مَنْ سَلاَ عَنْ حَبِيبٍ بَعْدَ غَيْبَتِهِ ... كَمْ بَعْدَ مَوْتِكَ مِنْ ناسٍ وَمِنْ سَالِ

كَأنَّ كُلَّ نَعيمٍ أَنْتَ ذائِقُهُ ... مِنْ لَذَّةِ الْعَيْشِ يَحْكِيْ لَمْعَةَ الآلِ

لا تَلْعَبَنَّ بِكَ الدُّنْيا وأنْتَ تَرى ... ما شِئْتَ مِنْ عِبَرٍ فِيها وَأَمْثالِ

الْغَيُّ في ظُلْمَةٍ وَالرُّشْدُ في صُوَرٍ ... مُسَرْبَلاتٍ بِإِحْسانٍ وَإِجْمالِ

وَالْقَوْلُ أَبْلَغُهُ ما كانَ أَصْدَقَهُ ... والصِّدْقُ في مَوْقِفٍ مُسْتَسْهَلٍ عَالِ

وقال أيضًا:

لا تَعْجَبَنَّ مِنَ الأَيّامِ وَالدُّوَلِ ... ومِنْ خُطوبٍ جَرَتْ بِالرِّيْثِ والْعَجَلِ

مَنْ يَأْمَنُ الْمَوْتَ إِذْ صارَتْ لَهُ عِلَلٌ ... تَكونُ في الزُّبدِ أحْيانًا وفي الْعَسلِ

ولَيْسَ شَيْءٌ وَإنْ طالَ الزَّمانُ بِهِ ... إلاّ سَيَفْنى عَلى الآفاتِ وَالْعَللِ

أما الْجِدَيِدانِ في صَرْفِ اخْتِلافِهِما ... فَقَدْ وَجَدْتَ مَقالاً فيهِما فَقُلِ

وقَدْ أتاكَ نَذيرُ الْمَوْتِ يَقْدُمُهُ ... في عارِضَيْكَ مَشيبٌ غَيْرُ مُنْتَقِلِ

يا لِلَّيَالِي ولِلأَيّامِ إنَّ لَها ... في الْخَلْقِ خَطْفًا كَخَطْفِ الْبَرْقِ في مَهَل

ماذا يَقولٌُ امْرُؤٌ لَيْستْ لَهُ قَدَمٌ ... يَوْمَ الْعِثارِ ويَوْمَ الْكَبْوِ والزَّلَلِ

رُبَّ امْرِئٍ لاعِبِ لاهٍ بِزُخْرُفِ ما ... يُلْهيهِ عَنْ نَفْسِهِ بِاللَّهْوِ مُشْتَغِلِ ...

اضْرِبْ بِطَرْفِكَ في الدُّنْيا فإِنَّ لَهُ ... ما شِئْتَ مِنْ عِبَرٍ فيها ومِنْ مَثَلِ

لَنْ يُصْلِحَ النَّفْسَ إِنْ كانَتْ مُصَرِّفَةً ... إلا التَّنَقُّلُ مِنْ حالٍ إلى حالِ

فَنَحْمَدُ اللهَ ما نَنْفَكُّ مِنْ نُقَلٍ ... كُلٌّ إلى الْمَوْتِ في حَلٍّ وَتَرْحالِ

وَالشَّيْبُ يَنَعى إلى الْمَرْءِ الشَّبابَ كما ... يَنْعى الأَنيسَ إِلَيْهِ الْمَنْزِلُ الْخَالي

<<  <  ج: ص:  >  >>