للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضًا:

جَمَعْتَ مِن الدُّنْيا وحُزْتَ ومُنِّيتها ... وما لَكَ إِلاَّ ما وَهَبْتَ وأمْضَيْتَا

وما لَكَ مِما يَأْكُلُ النّاسُ غَيْرُ ما ... أكَلْتَ مِنَ الْمالِ الْحَلالِ فَأفْنَيْتَا

ومَا لَكَ إِلاَّ كُلُّ شَيْءٍ جَعَلْتَهُ ... أَمامَكَ لا شَيْءٌ لِغَيْرِكَ بَقَّيْتَا

وَما لَكَ مِمّا يَلْبَسُ النّاسُ غَيْرُ ما ... كَسَوْتَ وإلاَّ ما لَبِسْتَ فَأبْلَيْتَا

وما أنْتَ إلاَّ في مَتاعٍ وَبُلْغَةٍ ... كَأنَّكَ قَدْ فارَقْتَها وتَخَلَّيْتَا

فَلا تَغْبِطَنَّ الْحَيَّ في طُولِ عُمْرِهِ ... بِشَيْءٍ تَرى إِلاَّ بِما تَغْبِطُ الْمَيْتا

أَلا أيُّهذا الْمُسْتَهينُ بِنَفْسِهِ ... أراكَ وقَدْ ضَيَّعْتَها وتَناسَيْتا

إذا ما غُبِنْتَ الْفَضْلَ في الدِّينِ لَمْ تُبَلْ ... وإِنْ كانَ في الدُّنْيا قَطَبْتَ وبالَيْتا

وَإِنْ كانَ شَيْءٌ تَشْتَهيهِ رَأَيْتَهُ ... وَإِنْ كانَ ما لا تَشْتَهيهِ تَعامَيْتا

لَهِجْتَ بِأنْواع الأَباطيل غِرَّةً ... وأَدْنَيْتَ أَقْوامًا عَلَيْها وأَقْضَيْتا

وَجَّمْعتَ ما لا يَنْبَغي لَكَ جَمْعُهُ ... وقَصَّرْتَ عَمّا يَنْبَغي وتَوانَيْتا

وصَغَّرْتَ في الدُّنْيا مَساكِنَ أهْلِها ... فَباهَيْتَ فيها بِالْبِناءِ وعالَيْتا

وأَلْقَيْتَ جِلْبابَ الْحَيا عَنْكَ ضِلَّةً ... فَأصْبَحْتَ مُخْتالاً فَخورًا وأمْسَيْتا

وجاهَرْتَ حَتّى لَمْ تَرَعْ عَنْ مُحَرَّمٍ ... ولَمْ تَقْتَصِدْ فيما أَخَذْتَ وأَعْطَيْتا

ونافَسْتَ في الأَمْوالِ مِنْ غَيْرِ حِلِّها ... وأَسْرَفْتَ في إِنْفاقِها وتَعَدِّيْتا

وأَجْلَيْتَ عَنْكَ الْغُمْضَ في كلِّ حِيلَةٍ ... تَلَطَّفْتَ في الدُّنْيا بها وتَأنَّيْتا

تَمَنى الْمُنى حَتّى إذا ما بَلَغْتَها ... سَمَوْتَ إِلى ما فَوْقَها فَتَمَنَّيْتَا

أَيا صاحِبَ الأَبْياتِ قَدْ نُجِّدَتْ لَهُ ... سَتُبْدَلُ مِنْها عاجِلاً غَيْرَها بَيْتا

لَكَ الْحَمْدُ يا ذا الْمَنِّ شُكْرًا خَلَقْتَنا ... فَسَوَّيْتَنا فيمَنْ خَلَقْتَ وسَوَّيْتا

وكَمْ مِنْ بَلايا نازِلاتٍ بِغَيْرِنا ... فَسَلَّمْتَنا يا رَبِّ مِنْها وعافَيْتا

<<  <  ج: ص:  >  >>