للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال رحمه الله:

أَمَّا بُيوتُكَ في الدُّنْيَا فَوَاسِعَةٌ ... فَلَيْتَ قَبْرَكَ بَعد الموتِ يَتْسِعُ

وَلَيْتَ ما جَمَعَتْ كَفّاكَ مِنْ نَشَبٍ ... يُنْجيكَ مِنْ هَوْلِ ما إنْ أَنْتَ مُطَّلِعُ

أَيَفْرَحُ النّاسُ بِالدُّنْيا وَقَدْ علِموا ... أنَّ الْمَنازِلَ في لَذَاتِنا قلَعُ

مَنْ كانَ مُغْتَبِطًا فيها بِمَنْزِلَةٍ ... فَإِنَّهُ لِسِواها سَوْفَ يَنْتَجِعُ

وكُلُّ ناصِرِ دُنْيا سَوْفَ تَخْذُلُهُ ... وكُلُّ حَبْلٍ عَلَيْها سَوْفَ يَنْقطِعُ

ما لي أَرى النّاسَ لا تَسْلو ضَغائِنهُمْ ... ولا قُلوبُهُمُ في اللهِ تَجْتَمِعُ

إِذا رَأَيْتَ لَهُمْ جَمْعًا تُسَرُّ بِهِ ... فَإنَّهُمْ حينَ تَبْلو شَأْنَهُمْ شِيَعُ

يا جامِعَ الْمالِ في الدُّنْيا لِوارِثِهِ ... هَلْ أَنْتَ بِالْمالِ بَعْدَ الْمَوْتِ تَنْتَفِعُ

لا تُمْسِكِ الْمالَ واسْتَرْضِ الإِلهَ بِهِ ... فإنَّ حَسْبَكَ مِنْهُ الرِّيُّ والشِّبَعُ

وقال أيضًا:

أَلاَ إِنَّ وَهْنَ الشَّيْبِ فيكَ لَمُسْرِعُ ... وأَنْتَ تَصابى دائِبًا لَسْتَ تُقْلِعُ

سَتُصْبِحُ يَوْمًا مَا مِنَ النّاسِ كُلِّهِمْ ... وَحَبْلُكَ مَبْتوتُ الْقُوى مُتَقَطِّعُ

فَلِلّهِ بَيْتُ الْهَجْرِ لَوْ قَدْ سَكَنْتَهُ ... لَوُدِّعْتَ تَوْدِيعَ امْرِئٍ لَيْسَ يَرْجِعُ

وقال أيضًا:

جَزَعْتُ ولكِنْ ما يَرُدُّ لِيَ الْجَزَعْ ... وَأَعْوَلْتُ لَوْ أغْنى الْعَويلُ وَلَوْ نَفَعْ

أَيا ساكِني الأَجْداثِ هَلْ لِي إِلَيْكُمُ ... عَلى قُرْبِكُمْ مِني مَدى الدَّهْرِ مُطَّلَعْ

فَوَاللهِ ما أَبْقى لِيَ الدَّهْرُ مِنْكُمُ ... حَبيبًا وَلا ذُخْرًا لَعَمْري وَلا وَدَعْ

فَأَيُّكُمُ أبْكي بِعَيْنٍ سَخينَةٍ ... وَأَيُّكُمُ أَرْثِي وَأَيُّكُمُ أدَعْ

أَيا دَهْرُ قَدْ قَلَّلْتَني بَعْدَ كَثْرَةٍ ... وَأوْحَشْتَني مِنْ بَعْدِ أُنْسٍ وَمُجْتَمعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>