للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأَيْتُ الْمَرْءَ مُغْتَرِمًا يُسامي ... ورائِحَةُ الْبِلى مِنْهُ تَضوعُ

عَجِبْتُ لِمَنْ يَموتُ وَلَيْسَ يَبْكي ... عَجِبْتُ لِمَنْ تَجِفُّ لَهُ دُموعُ

وقال أيضًا:

ما رَأيْتُ الْعيْشَ يَصْفو لأحَدْ ... دونَ كَدٍّ وَعناءٍ ونَكَدْ

كُنْ لِما قَدَّمْتَهُ مُغْتَنِمًا ... لا تُؤَخِّرْ عَمَلَ الْيَوْمِ لِغَدْ

إِنَّ لِلْمَوْتِ لَسَهْمًا قاتِلاً ... لَيْسَ يَفْدي أحَدًا مِنْهُ أحَدْ

قَدْ أرى أَنْ لَسْتُ في الدُّنْيا ولَوْ ... بَقِيَتْ لي دائِمًا طولَ الأَبَدْ

إنَّني مِنْها غدًا مُرْتَحِلٌ ... أوْ أراني راحِلاً مِنْ بَعْدِ غَدْ

أجْمَعُ المالَ لِغَيري دائِبًا ... وأُقاسي الْعَيْشَ مِنْهُ في كَبَدْ

لِمَنِ المالُ الذي أجمَعُهُ ... ألِنَفْسي أمْ لأَهْلي والْوَلَدْ

ما يُبالي وَلَدي بَعْدي إذا ... غَيَّبوا والِدَهُمْ تَحتَ اللِّبَدْ

وأصابوا ما لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ... ألِغَيٍّ قَدْ مَضى أمْ لِرَشَدْ

وقال أيضًا:

إنَّ الْقَريرَةَ عَيْنُهُ عَبْدُ ... خَشِيَ الإِلهَ وعَيْشُهُ قَصْدُ

عَبْدٌ قَليلُ النَّوْمِ مُجْتَهِدُ ... للهِ، كُلُّ فَعِالِهِ رُشْدُ

نَزِهٌ عَنِ الدُّنْيا وباطِلِها ... لا عَرْضُ يَشْغَلُّهُ ولا نَقْدُ

مُسْتَجْهلٌ في اللهِ مُحْتَقرٌ ... هَزْلُ الْمَخافَةِ عِنْدَهُ جِدُّ

مُتَذَلِّلٌ للهِ مُرْتَقِبٌ ... ما لَيْسَ مِنْ إتْيانِهِ بُدُّ

رَفَضَ الْحياةَ على حَلاوَتِها ... واختْارَ ما فيهِ لَهُ الْخُلْدُ

يَكْفيهِ ما بَلَغَ المَحَلَّ بِهِ ... لا يَشْتَكي إنْ نابَهُ جَهْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>