للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال كَعْبُ بنُ مالِك - رضي الله عنه -:

نَامَ العُيونُ ودَمْعُ عَينِكَ يُهْمِلُ ... سَحا كَمَا وَكَفَ الطَّبابُ المُخْضَلُ

في لَيلةٍ وَرَدَتْ عَليَّ هُمُومُهَا ... طورًا أَحُنُّ وتارَةً أتَمَلْمَلُ

واعْتَادَني حُزْنٌ فَبِتُّ كأنَّنِي ... بِبَنَاتِ تَعْشِ والسِّماكِ مُوكَّلُ

وكأنَّمَا بَينَ الجَوَانِح والحَشَا ... مِمَّا تَأوبِنِي شِهَابٌ مُدْخَلُ

وَجْدًا عَلى النَّفرَ الذينَ تَتَابَعُوا ... يَومًا بِمُوتَهَ أُسْنِدُوا لَمْ يُنْقَلُوا

صلى الإِلهُ عَلِيهِمُوا مِن فِتْيَةٍ ... وسَقَا عظامَهُمُوا الغمَامُ المُسْبِلُ

صَبروا بِمُوتَةَ للإِلهِ نُفُوسَهُمْ ... حَذَرَ الرَّدَى ومَخَافةً أنْ يَنْكَلُوا

فَمَضَوا أمَامَ المُسْلِمينَ كَأنَّهُمْ ... فُتُقٌ عَلَيهِمَّ الحَدِيدُ المُرْفَلُ

إذْ يَهتدُون بِجَعْفَرٍ ولِوَائِهِ ... قُدَّامَ أوَّلِهِمْ فَنِعْمَ الأوَّلُ

حَتَّآ تَفَرَّجَت الصُّفوفُ وجَعْفرٌ ... حَيثُ الْتَقَى وعْثُ الصُّفُوف مُجَدَّلُ

فَتَغَيَّرَ القَمرُ المُنْيرُ بِفَقْدِهِ ... والشَّمْسُ قَدْ كُسِفَتْ وكَادَتْ تَأْفُلُ

قَرْمٌ عَلا بُنْيَانُهُ مِن هَاشِمٍ ... فَرْعًا أشَمَّ وسُؤْدَدًا مَا يُنْقَلُ

قَومٌ بِهِم عَصَمَ الإِلَهُ عِبَادَهُ ... وعَلِيهِمُ نَزَلَ الكِتَابُ المنْزَلُ

لا يُطْلِقُونَ إلى السَّفاه حُبَاهُمُوا ... وتَرَى خطيبهُمُوا بِحَقٍ يَفْصِلُ

بِيض الوُجُوهِ بُطُونَ أكُفِهِم ... تَنْدَى إذا اعْتَذرَ الزَّمانُ المُمْحِلُ

وَبِهَدْيِهمْ رَضى للإِلهُ لِخَلْقِهِ ... وبِحَدِّهم نُصِرِ النَّبِيُ المُرْسَلُ

وقال أَبُو العَتَاهِيةْ:

الْمَرْءُ يَطْلُبُ وَالْمَنِيَّةُ تَطْلُبُهْ ... وَيَدُ المُنُونِ تُدِيرُهُ وَتُقَلِّبُهْ

لَيسَ الْحَرِيصُ بِزائِدٍ في رزْقِهِ ... اللهُ يقْسِمُهُ لَهُ وَيُسَِبِّبُهْ

لا تَغْضَبَنَّ على الزَّمانِ فَإنَّ مَنْ ... يُرْضي الزظَّمانُ أقَلُّ مِمَّنْ يُغْضِبُهْ

أيُّ امْرِيءٍ إِلا عَلَيهِ مِنَ الْبِلى ... في كُلِّ ناحِيَةٍ رَقيبٌ يَرْقُبُهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>