للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسل الله، وبعد

فإن دين الأنبياء جميعاً واحد، حيث أرسل الله رسله وأنزل كتبه بدعوة جوهرها واحد، وهي الدعوة إلى توحيده وعبادته والتمسك بطيب الاخلاق وحسن السلوك.

ولما بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - أمره بما أمر به إخوانه من الانبياء، وأرسله إلى الناس أجمعين، وارتضى دينه للعالمين ديناً، فكمل به الدين، وتم ببعثته الفضل العميم.

ولأن الإسلام دين الله الخاتم، فقد امتاز بخصائص ذاتية جعلته في الماضي وتجعله اليوم أسرع الأديان انتشاراً على وجه الأرض، فقد غطى الإسلام نصف الأرض بحضارته، وتسابقت الأمم إلى الدخول فيه لما قرأت فيه من توافق مع الفطرة ومواءمة مع العقول، وسماحة في المعاملة، ويسر في المعتقد.

لكن هذا النجاح الذي حققه المسلمون بإسلامهم دفع البعض للإساءة إلى الإسلام، فما من دين ولا نحلة أصيب بما تعرض له الإسلام العظيم من تشويه أسهمت به جيوش من المفكرين الذين تعمدوا أحياناً الإساءة إليه بطمس حقائقه وإلصاق النقائص به زوراً وبهتاناً، في حين أخطأوا في أحيان أخر في فهمه، فانحرفوا بعيداً عن حقائقه وأصوله.

ولسنا نبرئ أنفسنا نحن المسلمين من الإساءة إلى ديننا بتصرفات بعضنا التي يبرأ منها الإسلام الذي أضحى أسيراً بين مطرقة أعدائه وسندان جهل محيط ببعض أبنائه.

والواجب على العاقل الحصيف إذا ما أراد التعرف على دين ما؛ النظر في أصوله بعيداً عن تصرفات أبنائه واتهامات أعدائه، فما من دين ولا فكر إلا ويوجد خطأ وجنوح في بعض المنتسبين إليه، من غير أن يجنح أحد إلى تعميم الأحكام، فالحكم على الهيئات فضلاً عن الأديان إنما يرجع فيه إلى الأصول، لا إلى السلوك الأرعن أو الخاطئ من بعض الأتباع، لذا كان من الواجب أن نفهم الإسلام كما هو، كما أنزله الله بعيداً عن الأحكام المسبقة المثقلة بأوهام الاستشراق وإفكه.

<<  <   >  >>