للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رجل تصدق لا ليرضى عنه الله، بل ليقال عنه جواد (١)، وهو ما يحبط هذه العبادة، ويوجب العقوبة عليها بدلاً من المثوبة {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون - أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطلٌ ما كانوا يعملون} (هود: ١٥ - ١٦).

إن هذه الشرعة الربانية صورة من صور التراحم والتلاحم، تحفظ للمجتمع وحدته وتحقق تماسكه، حتى يكون الجميع فيه كالجسد الواحد، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)). (٢)

[الركن الرابع: صوم رمضان]

الصيام هو رابع أركان الإسلام، وهو عبادة فرضها الله في شهر رمضان (٣)، وفيه يمتنع المسلم عن الطعام والشراب والجماع ومقدماته من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

والصيام فرضه الله على المسلمين وعلى الأمم قبلهم لغاية عظيمة، يجليها قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} (البقرة: ١٨٣)، فغاية هذه العبادة تدريب المؤمن على حياة التقوى واجتناب المناهي، وتربيته على السيطرة على إرادته وضبطها، وعدم الانسياق وراء الرغبات الجسدية، وتحريره من أسر الشهوات والعبودية للملذات، فالمسلم الذي يترك في نهار رمضان الحلال من الطعام والشراب والمتع؛ فإنه من باب أولى يمتنع عن الحرام منها في ليل رمضان وفي سائر الأيام والليالي.

وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأثر الصيام في ضبط الغرائز بقوله: ((من كان منكم ذا طول فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لا فالصوم له وجاء)). (٤)


(١) الحديث أخرجه مسلم ح (١٩٠٥).
(٢) أخرجه البخاري ح (٦٠١١) ومسلم ح (٢٥٨٥).
(٣) شهر رمضان هو الشهر التاسع من شهور السنة القمرية.
(٤) أخرجه النسائي ح (٣٢٠٦).

<<  <   >  >>