للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الآيات {وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً - أو تكون لك جنةٌ من نخيلٍ وعنبٍ فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً - أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً - أو يكون لك بيتٌ من زخرفٍ أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً} (الإسراء:٩٠ - ٩٣).

وحتى يقيم الله حجته على قريش؛ فإنه آتى نبيه - صلى الله عليه وسلم - معجزة من جنس ما طلبوه على سبيل التعجيز، ألا وهي انشقاق القمر، وهو حدث عظيم لا يقع إلا بتقدير العزيز العليم.

فقد روى الشيخان وغيرهما من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرقتين: فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اشهدوا)). (١)

قال الخطابي: "انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء، وذلك أنه ظهر في ملكوت السماء خارجاً من جبلة طباع ما في هذا العالم، فليس مما يطمع في الوصول إليه بحيلة، فلذلك صار البرهان به أظهر". (٢)

قال ابن كثير بعد أن ساق روايات عدة لحادثة انشقاق القمر: "فهذه طرق عن هؤلاء الجماعة من الصحابة، وشهرة هذا الأمر تغني عن إسناده، مع وروده في الكتاب العزيز .. والقمر في حال انشقاقه لم يزايل السماء، بل انفرق باثنتين، وسارت إحداهما حتى صارت وراء جبل حراء، والأخرى من الناحية الأخرى، وصار الجبل بينهما، وكلتا الفرقتين في السماء، وأهل مكة ينظرون إلى ذلك، وظن كثير من جهلتهم أن هذا شيء سُحرت به أبصارهم، فسألوا من قدم عليهم من المسافرين، فأخبروهم بنظير ما شاهدوه، فعلموا صحة ذلك وتيقنوه". (٣)


(١) رواه البخاري ح (٤٨٦٤)، ومسلم ح (٢٨٠٠).
(٢) انظر: فتح الباري (٧/ ٢٢٤).
(٣) البداية والنهاية (٨/ ٥٦٤).

<<  <   >  >>