للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن عظيم خوارق العادات التي أوتيها النبي - صلى الله عليه وسلم - حنين الجذع التي كان يخطب عليها في يوم الجمعة، وهي قصة مشهورة شهدها الكثير من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، يقصها علينا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، فيقول: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبراً؟ قال: ((إن شئتم)). فجعلوا له منبراً.

فلما كان يوم الجمعة خرج إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فضمها إليه، تئن أنين الصبي الذي يُسكَّن، قال جابر: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها. (١)

قال ابن حجر: "إن حنين الجذع وانشقاق القمر نُقل كلٌ منهما نقلاً مستفيضاً، يفيد القطع عند من يطَّلع على طرق ذلك من أئمة الحديث ". (٢)

قال البيهقي: "قصة حنين الجذع من الأمور الظاهرة التي حملها الخلف عن السلف , ورواية الأخبار الخاصة فيها كالتكلف". (٣) أي لشهرتها وذيوع أمرها.

قال الشافعي: ما أعطى الله نبياً ما أعطى محمداً , فقال له عمرو بن سواد: أعطى عيسى إحياء الموتى! قال: أعطى محمداً حنينَ الجِذعِ حتى سمع صوته , فهذا أكبر من ذلك". (٤)

قال ابن كثير: "وإنما قال: فهذا أكبر منه؛ لأن الجذع ليس محلاً للحياة، ومع هذا حصل له شعور ووجد لما تحوّل عنه إلى المنبر، فأَنَّ وحنَّ حنين العِشار [أي الناقة الحامل]، حتى نزل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاحتضنه .. ". (٥)


(١) رواه البخاري ح (٣٥٨٤).
(٢) فتح الباري (٦/ ٦٨٥).
(٣) فتح الباري (٦/ ٦٩٨).
(٤) فتح الباري (٦/ ٦٩٨).
(٥) انظر: البداية والنهاية (٦/ ٢٧٦).

<<  <   >  >>