للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تكثير الطعام والشراب والوضوء ببركة النبي - صلى الله عليه وسلم -]

وإن من المعجزات الخارقة لعادات البشر التي تشهد بالنبوة للأنبياء ما يجعله الله على أيديهم من البركة التي ينتفع بها الناس.

قال الله على لسان نبيه المسيح: {قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً - وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً} (مريم: ٣٠ - ٣١).

ونبينا - صلى الله عليه وسلم - أيضاً كان نبياً مباركاً، وكان ما ساقه الله من البركة على يديه دليلاً ساطعاً وبرهاناً دامغاً على نبوته ورسالته.

وقد كثُرت في ذلك الأخبارُ وتكاثرت وهي تتحدث عما كتب الله من تكثير القليل ببركة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وحملتها إلينا الأسانيد الصحاح التي بلغتْ بها مَبلغَ التواتر، قال النووي: "وقد تظاهرت أحاديثُ آحادٍ بمثل هذا، حتى زاد مجموعها على التواتر، وحصل العلمُ القطعيُ بالمعنى الذي اشتركت فيه هذه الآحاد، وهو انخراق العادة بما أتى به - صلى الله عليه وسلم - من تكثيرِ الطعامِ القليلِ الكثرةَ الظاهرة، ونبعِ الماء وتكثيرِه، وتسبيحِ الطعام، وحنينِ الجِذْعِ وغيرِه ... ". (١)

ومن هذه الأخبار الكثيرة التي تواتر معناها ما رواه لنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما حيث قال: تُوفي أبي وعليه دينٌ، فعرضتُ على غرمائه في الدَّين أن يأخذوا التمر بما عليه، فأبوا، ولم يروا أن فيه وفاءً. (٢)

يقول جابر: فأتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرتُ ذلك له، فقال: ((إذا جَدَدتَه فوضعتَه في المِرْبد (٣) آذنتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -))، أي طلب منه إذا جمع التمر في مكانه أن يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -.


(١) شرح النووي (١٣/ ٢١٥).
(٢) أي عرض على المدينين أن يعطيَهم تمر بستانه قضاءً لدين أبيه، فأبوا لأنهم رأوه أقلَ من ديونهم.
(٣) المربد هو الموضع الذي يجفف فيه التمر. انظر: فتح الباري (٧/ ٢٨٩).

<<  <   >  >>