للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أُصيب سلمة، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنفث فيه ثلاث نَفَثات، فما اشتكيتُها حتى الساعة. (١)

إن الجموع التي رأت ساق سلمة مضرجة بدمائها، ثم رأوه لا يشتكي منها ألماً ولا وجعاً ببركة ريق النبي - صلى الله عليه وسلم - ونفثه عليها، إن هذه الجموع لا يسعها أمام هذه المعجزة الباهرة إلا أن تشهد للنبي - صلى الله عليه وسلم - بالنبوة والرسالة، إذ مثل هذا لا يقدر عليه بشر، إنه دليل من دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم -.

ويرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - عبدَ الله بن عتيك ورجالاً من الأنصار لردع سلّامِ بنِ أبي الحُقَيق، وبينما هو راجع في الطريق وقع، فانكسرت ساقه، فعصبها بعمامة.

ولنستمع إليه وهو يقص علينا الخبر، فيقول: فانتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ((ابسط رجلك))، فبسطت رجلي، فمسحها، فكأنها لم أشتكِها قطّ. (٢)

لقد تكرر ذلك منه - صلى الله عليه وسلم - مراراً وعلى مرأى من الصحابة الكرام، يقول بريدة - رضي الله عنه -: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تفل في رجل عمرو بن معاذ حين قُطِعت رجله فبرأ. (٣) فهل كان هذا فناً من فنون الطب أم معجزة وبرهاناً من براهين نبوته - صلى الله عليه وسلم -؟

ويروي الإمام أحمدُ عن أمُ جُندُب أنها رأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي جمرة العقبة .. فأتته امرأة خثعمية بابْن لها فقالت: يا رسول الله، إن ابني هذا ذاهب العقل، فادع الله له. قال لها: ((ائتيني بماء)).

فأتته بماء في تَورٍ من حجارة، فتفل فيه، وغسل وجهه، ثم دعا فيه، ثم قال: ((اذهبي، فاغسليه به، واستشفي الله عز وجل)).

قالت أم جُندب: فقلت لها: هَبِي لي منه قليلاً لابني هذا، فأخذت منه قليلاً بأصابعي، فمسحتُ بها شِقَّة ابني، فكان من أبر الناس.

فسألتُ المرأة بعد: ما فعل ابنها؟ قالت: برِئ أحسن بَرء. (٤)


(١) رواه البخاري ح (٤٢٠٦).
(٢) رواه البخاري ح (٤٠٣٩).
(٣) رواه ابن حبان ح (٢١٤٦)، وصححه الألباني في الصحيحة ح (٢٩٤٠).
(٤) رواه أحمد في المسند ح (٢٦٥٩٠).

<<  <   >  >>