للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقول التوراة: "فإذا تواضع شعبي الذين دعي اسمي عليهم، وصلّوا وطلبوا وجهي، ورجعوا عن طرقهم الردية، فإنني أسمع من السماء " (الأيام (٢) ٧/ ١٤).

ولكن ورغم هذا كله يقول عوض سمعان: " فالتوبة مهما كان شأنها ليست بكافية للصفح عما مضى من خطايانا ". (١)

إذاً لماذا أكدت النبوات عليها وعلى فضلها ومحبة الله لها، ولم أغلق هذا الباب في وجه آدم، وهو أولى الناس به لمعرفته بالله العظيم وجزائه ورحمته، إضافة إلى شعوره بالذنب وأثره الجمّ عليه، وهذا الذي ذكره الله عنه {فعصى آدم ربه فغوى - ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى} (طه: ١٢١ - ١٢٢).

لكن بولس يصر على أن " أجرة الخطية هي موت " (رومية ٦/ ٢٣)، وعليه فهذا الحكم لا نكول عنه، لأن الله لا يكذب، وهو يحب أن يرحم عباده، فلا سبيل للجمع بين إرادتيه إلا بالكفارة، لأن الله رحيم، وهو أيضاً لا يكذب في وعيده.

وهذا المبدأ غريب في تصوره الضعيف والسقيم لله، وحديثه عن الله المشوب باتهام الرب العظيم بقلة الحيلة أو الخوف على سمعته ومنزلته عند مخلوقاته، وهو بكل حال متناقض مع النصوص التي أكدت أن أجرة الخطية موت، وأن الله يرفعه بالتوبة، من غير أن يتناقض عدله مع رحمته.

إذ يقول سفر حزقيال: "وإذا قلت للشرير: موتاً تموت. فإن رجع عن خطيته وعمل بالعدل والحق، إن رد الشرير الرهن، وعوّض عن المغتصَب، وسلك في فرائض الحياة بلا عمل إثم، فإنه حياة يحيا. لا يموت. كل خطيته التي أخطأ بها لا تذكر عليه، عمل بالعدل والحق، فيحيا حياة" (حزقيال ٣٣/ ١٤ - ١٦)، فالموت الذي هو جزاء


(١) الخطيئة الأولى بين اليهودية والمسيحية والإسلام، أميمة شاهين، ص (١٤٠).

<<  <   >  >>