للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المريضة، بأنها ليست من خراف بيت إسرائيل التي أرسل لها، فامتنع أول مرة عن شفائها، لأنها ليست من شعبه، فمن كان هذا فعله فكيف يقال بأنه قدم روحه بالفداء عن البشرية جمعاء؟

ويوضح عبد الأحد داود - في كتابه الإنجيل والصليب - هذا المعنى بقوله: " فها أنذا أقول لهؤلاء المسيحيين الذين يبلغ عددهم الملايين، وهم ليسوا من الإسرائيليين: انظروا، إن مسيحكم لم يعرفكم قطعاً، ولم ينقل عنه أنه قال عنكم حرفاً واحداً، بل إنه سمى غير الإسرائيليين كلاباً ... أتعلمون ماذا أنتم حسب شريعة موسى؟ إن الذين لم يختتنوا إنما يعدون ملوثين (نجساً) ".

ويقول أيضاً في تعليقه على قصة المرأة الكنعانية: " المسيح لم يكن ليفدي أحداً بحياته، بل لم يكن يسمح بتقديم قلامة من أظفاره هدية للعالم، فضلاً عن أنه لم يتعهد للروس والإنجليز والأمريكيين بالنجاة، لأنه لم يعرفهم ... ". (١)

فكما كانت رسالته خاصة في بني إسرائيل، فإن خلاصه خاص ببني إسرائيل، بدليل اشتراطهم الإيمان به لحصول الخلاص، وهو أمر لا دليل عليه، حيث إن صلب المسيح وموته لا علاقة له بإيمان هؤلاء أو كفرهم، فالصلب قد تم من أجل الخطايا برمتها، كما ذكرت النصوص ذلك غير مرة. (انظر يوحنا ٣/ ١٦ - ١٧، ويوحنا (١) ٢/ ٢ .. ).

والإصرار على نجاة المؤمنين فقط يجعل تجسد الإله وصلبه نوعاً من العبث، فهو لم يؤد الدور الذي بعث من أجله، إذ عدد المؤمنين بمسألة الفداء أقل بكثير من المنكرين له.

ويرِد هنا سؤال يدل على ضبابية فكرة الخلاص وتأرجحها بين اليهود والأمميين: ما معنى قول بولس وهو يخاطب نصارى أهل كورنثوس فيقول: " إنه يتضايق لأجل


(١) انظر: الإنجيل والصليب، عبد الأحد داود، ص (٨٠ - ٨١).

<<  <   >  >>