للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرفعها عنهم صلب المسيح عليه السلام.

ويضيف بولس مبشراً هؤلاء العصاة بدينونة الله العادلة التي تتنظرهم جزاء فجورهم: "ونحن نعلم أن دينونة الله هي حسب الحق على الذين يفعلون مثل هذه، أفتظن هذا أيها الإنسان الذي تدين الذين يفعلون مثل هذه، وأنت تفعلها، أنك تنجو من دينونة الله" (رومية ٢/ ٢ - ٣).

فلو كان الناس كلهم ينجون بالفداء كما قال البرتستانت، لما كان لهذه النصوص معنى.

ثم إن كان الفداء عاماً لكل البشر ولكل الخطايا، فإن هذا الفداء يشمل الإباحيين الذين يرتكبون الموبقات ويملؤون الأرض بالفساد، وتكون عقيدة الفداء والخلاص سُلماً للرذيلة ودعوة للتحلل والفساد باسم الدين.

ثم القول بفداء الجميع يجعل ضمن الناجين أعداء الأنبياء كالفراعنة والجبابرة وعتاة المجرمين، بل ويشمل اليهود الذي تآمروا على المسيح، ويهوذا الأسخريوطي، التلميذ الخائن الذي كان حاله أفضل من حال كثيرين من الخطاة - اليوم - الذين يتوقعون الخلاص بدم المسيح رغم آثامهم وذنوبهم، لقد مات يهوذا نادماً تائباً، وعبَّر عن توبته بردِّ ثمن الخيانة، وعن ندمه بقتل تلك النفس الخبيثة التي مارست الخطيئة.

وهنا نتساءل لماذا لا يقول أحد بخلاص يهوذا بدم المسيح المصلوب، بل نعجب لماذا تركه المسيح ينتحر؟ ولماذا لم يخبره بأن خلاصه قريب جداً، وأن لا داعي للانتحار، بل لماذا قال عنه: "كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد" (مرقس ١٤/ ١٢) أوليس له حظ في هذا الخلاص كغيره من المليارات المؤمنة بالمسيح، والتي ما فتئت ترتكب الموبقات، لكنها واثقة من الخلاص " لأنه هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا ٣/ ١٦).

<<  <   >  >>