للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الآثار العقدية السلبية لفكرة الصلب ما يجعلها هدفاً للمسلمين ينبغي التركيز عليه، ومن هذه الآثار الاضطراب في نظرة المسيحية للإله.

فقد ظهر في القرن الثاني الميلادي تلميذ شهير لبولس، اسمه مركيون، وكان يعتقد بأن إله اليهود الذي أعطى الناموس لموسى، وخالق العالم كان شريراً، وأما إله المحبة فقد ظهر في المسيح، وهو معارض تماماً لخالق العالم.

ويتصور مركيون محاكمة من المسيح لخالق العالم ورب السماوات والأرض، فيقول: " نزل يسوع إلى رب المخلوقات في هيئة لاهوته، ودخل معه في قصاص بسبب موته على الصليب قتلاً ... قال له يسوع: إن الدينونة بيني وبينك، لا تدع أي شخص آخر يكون قاضياً، إنما شرائعك ذاتها تقضي لي ... ألم تكتب في ناموسك أن من قتل يقتل؟

وعندئذٍ أجاب (إله المخلوقات): لقد كتبت هذا .. قال له يسوع: سلم نفسك إذن ليدي .. قال خالق العالم: لأني قد ذبحتك، فإني أعطيك عوضاً، كل أولئك الذين يؤمنون بك، تستطيع أن تفعل بهم ما يرضيك.

عندئذٍ تركه يسوع، وحمل بولس بعيداً، وأراه الثمن، وأرسله ليكرز بأننا اشتُرينا بهذا الثمن، وأن كل من يؤمن بيسوع قد بيعوا عن طريق هذا الإله العادل إلى الإله الطيب ". (١)

فهذا الشطط في المعتقد إفراز طبيعي متجدد. يسببه تناقض العدل والرحمة، وأما القول بنجاة المسيح من القتل فيضع الأمور في ميزانها الصحيح، فتعبد البشرية ربها، وهي موقنة بأنها تعبد الرب العفُوّ الرحيم الكريم.


(١) المسيح في مصادر العقائد المسيحية، أحمد عبد الوهاب، ص (٢٧٩ - ٢٨٠) نقلاً عن أدولف هنكر في كتابه "تاريخ العقيدة "، وانظر: "الإنجيل الرابع" هنري ديلافوس، ص (٣٠ - ٣٦).

<<  <   >  >>