للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن أصر النصارى بعد ذلك على أن النبوءة تنطبق على المسيح، فقد قالوا إذاً بأن المسيح تكلم وهو مغلق الفم!!!

كما يذكر نص إشعيا شجاعة وتماسكاً لا تتناسب وصراخ المصلوب، وجزعه، وقنوطه، فالمصلوب لم يظهر كشاة أمام جازيها صامتة، "وهكذا لم يفتح فاه "، بل كان يصرخ على الصليب: "إلهي إلهي، لماذا تركتني؟ " (متى ٢٧/ ٤٦).

والنص متحدث عن صاحب نسل وولد، فيقول: " يرى نسلاً تطول أيامه "، وقد سُرّ الرب بعذابه وبالعاهات التي تصيبه " وأما الرب فسُرّ بأن يسحقه بالحزن "، والنص في النسخة الكاثوليكية يفسر الحزن بالعاهات، فيقول: "والرب رضي أن يسحقه بالعاهات"، وفي نسخة الرهبانية اليسوعية: "والرب رضي أن يسحق ذاك الذي أمرضه"، فهل يسَرُّ الله لأحزان عبده البار، المسيح عليه الصلاة والسلام، وهل كان المسيح مصاباً بعاهة من العاهات أو مرض من الأمراض؟

ويرى الأستاذ محمد الأفندي (١) أن لا علاقة بين هذا الإصحاح في إشعيا، وبين حادثة الصلب، فالإصحاح يتحدث عن قصة بني إسرائيل، وذلهم في بابل بسبب معاصيهم ومعاصي سلفهم، فحاق بهم عقوبة الله التي عمّت صالحيهم وفجارهم، ثم أنعم الله عليهم بالعود من بابل مرة أخرى إلى فلسطين، وهذا المعنى هو ما كان يتحدث عنه السياق التوراتي في سفر إشعيا.

وقوله: " هو ذا عبدي .. كما اندهش منك كثيرون كان منظره كذا مفسدًا أكثر من الرجل، وصورته أكثر من بني آدم " فالمقصود بالعبد شعب إسرائيل.

وقد عُهد في التوراة إطلاق لفظ الفرد، والمراد الشعب كما في إشعيا: "يقول


(١) انظر: عقيدة الصلب والفداء، محمد رشيد رضا، ص (١٠٦ - ١٢٢، ١٩٦)، فقد ضمنه كتاب الأفندي.

<<  <   >  >>