للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القدماء التي وردت في شرائع التوراة، ومنها أنه قال: "سمعتم أنه قيل: تحب قريبك وتبغض عدوك. وأما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم" (متى ٥/ ٤٣ - ٤٤)، والفقرة التي يشير إليها من كلام القدماء هي قول سفر اللاويين: " لا تنتقم ولا تحقد على أبناء شعبك، بل تحب قريبك كنفسك" (اللاويين ١٩/ ١٨)، وليس في هذه الفقرة ولا في غيرها أمر ببغض الأعداء، وزعمُ متى أنها موجودة في كتب القدماء محض ادعاء وتحريف، لذا قال القس صموئيل يوسف: "هل الله يوصي بالبغضة؟ ربما يعتقد الإنسان أن هذا حدث في العهد القديم، غير أنه لم يرد شيء من ذلك على الإطلاق في وصايا الله (قارن لاويين ١٩/ ١٨) ". (١)

- ويقتبس الإنجيليون نبوة زكريا القائلة: " ابتهجي جداً يا ابنة صهيون، اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك، هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان" (زكريا ٩/ ٩)، ولكنهم - كالعادة - لا يجدون أي حرج في تغيير النصوص التوراتية عندما يجدون ما يستدعي ذلك، فقد قال متى: " ما قيل بالنبي القائل: قولوا لابنة صهيون: هوذا ملكك يأتيك وديعاً راكباً على أتان وجحش ابن أتان" (متى ٢١/ ٥)، فقد أحدث متى عدداً من التغييرات في النص التوراتي، أهمها أنه عمد إلى اختصار النص، وحذف منه ما لا يتناسب مع شخص المسيح، وهو قوله: "عادل ومنصور"، فقد أدرك متى أن المسيح ليس بالملك الأرضي المنتظر الذي من صفاته العدل والظفر، فحذف هذين الصفتين، وأبقى صفة الوداعة والركوب على الحمار والجحش معاً.

وأما يوحنا فقد اختزل النص التوراتي أيضاً، وحذف منه ما حذفه متى، وأضاف إليه أن جعل المركوبَين واحداً، لأنه رأى أن الركوب على حيوانين - في وقت واحد - لا


(١) المدخل إلى العهد القديم، القس الدكتور صموئيل يوسف، ص (٣٦٧).

<<  <   >  >>