للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونام أوريا على باب بيت الملك مع جميع عبيد سيده، ولم ينزل إلى بيته. فأخبروا داود قائلين: لم ينزل أوريا إلى بيته. فقال داود لأوريا: أما جئت من السفر! فلماذا لم تنزل إلى بيتك؟ فقال أوريا لداود: إن التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام وسيدي يوآب وعبيد سيدي نازلون على وجه الصحراء، وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب وأضطجع مع امرأتي؟ وحياتك وحياة نفسك لا أفعل هذا الأمر.

فقال داود لأوريا: أقم هنا اليوم أيضاً، وغداً أطلقك، فأقام أوريا في أورشليم ذلك اليوم وغده. ودعاه داود فأكل أمامه، وشرب، وأسكره. وخرج عند المساء ليضطجع في مضجعه مع عبيد سيده، وإلى بيته لم ينزل، وفي الصباح كتب داود مكتوباً إلى يوآب وأرسله بيد أوريا. وكتب في المكتوب يقول: اجعلوا أوريا في وجه الحرب الشديدة، وارجعوا من ورائه، فيضرب ويموت" (صموئيل (٢) ١١/ ٢ - ٢٦).

وكان كما أراد، ومات أوريا، وضم داود تلك الزانية إلى زوجاته، ومنها أنجب سليمان، الذي يشرفه كتاب الأناجيل، فيجعلونه أحد أجداد المسيح.

ثم تحكي الأسفار عن مجازر يشيب لها الولدان فعلها داود بالعمويين، فقد " أخرج الشعب الذي فيها، ووضعهم تحت مناشير ونوارج حديد وفؤوس حديد، وأمرَّهم في أتون الآجر، وهكذا صنع بجميع مدن عمون، ثم رجع داود وجميع الشعب إلى أورشليم " (صموئيل (٢) ١٢/ ٣١) (١)، وفي سفر الأيام "وأخرج الشعب الذين بها، ونشرهم بمناشير ونوارج حديد وفؤوس، وهكذا صنع داود لكل مدن بني عمون" (الأيام (١) ٢٠/ ٣). سبحانك هذا بهتان عظيم.

لكن العجب العجاب أن كل ما نسبته الأسفار زوراً إلى نبي الله داود، لم يمنعها من وصفه بصفات الكمال ونعوت الجلال، فقد قال عنه الله: "وجدتُ داود بن يسّى رجلاً حسب قلبي، الذي سيصنع كل مشيئتي" (أعمال ١٣/ ٢٢)، وجعله المثل الأعلى والمقياس الأوفى الذي يوزن به ملوك بني إسرائيل، فقد ذكرت الأسفار أن الله لم يمزق مملكة سليمان إكراماً لأبيه الذي حفظ وصايا الله، فتقول: " ولا آخذ كل المملكة


(١) لم يطق مترجمو الترجمة العربية المشتركة والآباء اليسوعيون هذه الجريمة المقزعة، فهم في غاية الرقة والإنسانية، فعمدوا إلى التلاعب بالنص وتحوير معناه، إذ تقول الترجمة العربية المشتركة: " واستعبد أهلها، وفرض عليهم العمل بالمعاول والمناشير والفؤوس وأفران الطوب"، فهم أكثر رقة وإنسانية من النبي المرسل من قبل الله؟!

<<  <   >  >>