للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[هل ادعى المسيح عيسى - عليه السلام - أنه المسيح المنتظر؟]

وإذا كان كثيرون من معاصري المسيح ادعوا أن عيسى عليه السلام هو المسيا المنتظر، كما قالوا من قبل عن يوحنا المعمدان، فهل ادعى عيسى أو قال لتلاميذه أنه المنتظر، وهل حقق عليه السلام نبوءات المسيح المنتظر؟

ذات يوم سأل تلاميذه عما يقوله الناس عنه، ثم سألهم " فقال لهم: وأنتم من تقولون إني أنا؟ فأجاب بطرس وقال له: أنت المسيح، فانتهرهم كي لا يقولوا لأحد عنه، وابتدأ يعلّمهم أن ابن الإنسان ينبغي أن يتألم كثيراً، ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل" (مرقس ٨/ ٢٩ - ٣١)، لقد نهرهم ونهاهم أن يقولوا ذلك عنه، وأخبرهم بأنه سيتعرض للمؤامرة والقتل، وهي بلا ريب عكس ما يتوقع من المسيح الظافر. أي أنه أفهمهم أنه ليس هو المسيح المنتصر الذي تنتظرون، والذي يوقنون أن من صفاته الغلبة والظفر والديمومة، لا الألم والموت.

وفي رواية لوقا تأكيد ذلك "فأجاب بطرس وقال: مسيح الله، فانتهرهم، وأوصى أن لا يقولوا ذلك لأحد، قائلاً: إنه ينبغي أن ابن الإنسان يتألم" (لوقا ٩/ ٢٠ - ٢١)، وانتهاره التلاميذ ونهيهم عن إطلاق اللقب عليه ليس خوفاً من اليهود، فقد أخبر تلاميذه عن تحقق وقوع المؤامرة والألم، وعليه فلا فائدة من إنكار حقيقته لو كان هو المسيح المنتظر، لكنه منعهم لأن ما يقولونه ليس هو الحقيقة.

لكن بطرس كبير الحواريين رفض الإذعان لهذه الحقيقة، وهي أن المسيح هو العبد المتألم المتعرض للقتل، ليس الملك الظافر المنتظَر، فاندفع يؤنب المسيح على ما يسوقه من خبر عن نفسه، ولندع الكلام لمتى وهو ينقل لنا هذا المشهد بقوله: "ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيراً من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، ويقتل، وفي اليوم الثالث يقوم، فأخذه بطرس إليه، وابتدأ ينتهره قائلاً:

<<  <   >  >>