للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهم لم يسمعوا حديثهما ولم يسألوه عما جرى بينهما.

وأوضح الأدلة على وقوع التحريف في هذه القصة أن المرأة التي رأت أعاجيبه، وقال لها هذا القول المدعى، لم تكن تؤمن أنه المسيح المنتظر، لأنها لم تسمع منه ذلك، ولو سمعته لآمنت وصدقت، فقد انطلقت تبشر به، وهي غير متيقنة أنه المسيح المنتظر "فتركت المرأة جرتها، ومضت إلى المدينة وقالت للناس: هلموا انظروا إنساناً قال لي كل ما فعلت، ألعل هذا هو المسيح؟ " (يوحنا ٤/ ٢٨ - ٢٩).

ومما تقدم ظهر جلياً أن المسيح - عليه السلام - لم يدع أنه المسيح الذي تنتظره اليهود، وإن زعم ذلك بعض معاصريه، الذين كانوا يتوقون للمخلص العظيم الذي يسلطه الله على أعدائه.

وقد صدق بولتمان في كتابه "يسوع" حين قال: "إن يسوع لم يعتبر نفسه المسيا"، ووافقه الكثير من العصريين كما نقل عنهم الأسقف برنار بارتمان، فقالوا " بأن يسوع لم يعتبر نفسه المسيا، بل إن التلاميذ هم الذين أعطوه هذا اللقب بعد موته وقيامته من الاموات، الأمر الذي كان يرفضه بشدة أثناء حياته على الأرض".

ونختم بقول شارل جنيبر: "والنتيجة الأكيدة لدراسات الباحثين، هي: أن المسيح لم يدع قط أنه هو المسيح المنتظر، ولم يقل عن نفسه إنه ابن الله ". (١)


(١) انظر: المسيحية، نشأتها وتطورها، شارل جنيبر، ص (٥٠)، تاريخ الفكر المسيحي، الدكتور القس حنا جرجس الخضري (١/ ٢٨٠، ٢٨٢).

<<  <   >  >>