للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال السيد: لأن هذا الشعب قد اقترب إلي بفمه وأكرمني بشفتيه، وأما قلبه فأبعده عني، وصارت مخافتهم مني وصية الناس معلمة، لذلك هانذا أعود أصنع بهذا الشعب عجباً وعجيباً، فتبيد حكمة حكمائه، ويختفي فهم فهمائه، ويل للذين يتعمقون ليكتموا رأيهم عن الرب، فتصير أعمالهم في الظلمة ويقولون: من يبصرنا ومن يعرفنا، يا لتحريفكم، هل يحسب الجابل كالطين حتى يقول المصنوع عن صانعه: لم يصنعني، أو تقول الجبلة عن جابلها: لم يفهم، أليس في مدة يسيرة جداً يتحول لبنان بستاناً، والبستان يحسب وعراً، ويسمع في ذلك اليوم الصمّ أقوال السفر وتنظر من القتام والظلمة عيون " (إشعيا ٢٩/ ١٠ - ١٨)، إنه ذات المعنى الذي تتحدث عنه النصوص، شجرة خضراء تذبل، وأخرى يابسة تخضر وتورق، وذلك حين يفتح السفر المختوم على يد النبي الأميّ.

وقوله: " أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له: اقرأ هذا، فيقول: لا أعرف الكتابة "، يسجل اللحظة العظيمة التي يبدأ نزول الوحي فيها على النبي صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: .. جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملَك، فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني، فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق - خلق الإنسان من علق - اقرأ وربك الأكرم} (العلق:١ - ٣). (١)


(١) رواه البخاري في صحيحه ح (٤).

<<  <   >  >>