للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣) لا يقبل قول القائل بأن النص يحكي عن أمر ماضٍ، إذ التعبير عن الأمور المستقبلة بصيغة الماضي معهود في لغة الكتاب المقدس. يقول اسبينوزا: " أقدم الكتاب استعملوا الزمن المستقبل للدلالة على الحاضر، وعلى الماضي بلا تمييز كما استعملوا الماضي للدلالة على المستقبل ... فنتج عن ذلك كثير من المتشابهات".

وأكد على صحة هذا الاستخدام القس الدكتور منيس عبد النور بقوله: «تعبير الماضي عن المستقبل، لحتمية حدوث الأمر، فأنت تتحدث عن شيء قادم بصيغة الماضي، لأنك متأكد من وقوعه» (١)، وضرب له مثلاً بما جاء في رسالة بطرس من أن الله: «لم يشفق على ملائكة قد أخطؤوا، بل في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم، وسلمهم محروسين للقضاء» (بطرس (٢) ٢/ ٤).

٤) ونقول: لم خص جبل فاران بالذكر دون سائر الجبال لو كان الأمر مجرد إشارة إلى انتشار مجد الله كما زعم بعض كتاب اليهود، فإن مجد الله لم يتوقف عند حدود فارن أو جبل سعير.

٥) ومما يؤكد أن الأمر متعلق بنبوءة الحديث عن آلاف القديسين، والذين تسميهم بعض التراجم " أطهار الملائكة " أي أطهار الأتباع، إذ يطلق هذا اللفظ ويراد به: الأتباع، كما جاء في سفر الرؤيا أن " ميخائيل وملائكته حاربوا التنين، وحارب التنينُ وملائكتُه ... " (الرؤيا ١٢/ ٧).

فمتى شهدت فاران مثل هذه الألوف من الأطهار إلا عند ظهور محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؟

٦) وما جاء في سفر حبقوق يؤيد قول المسلمين حيث يقول: " الله جاء من تيمان، والقدوس من جبل فاران. سلاه. جلاله غطى السماوات، والأرض امتلأت من تسبيحه، وكان لمعان كالنور. له من يده شعاع، وهناك استتار قدرته، قدامه ذهب الوبأ، وعند رجليه خرجت الحمى، وقف وقاس الأرض، نظر فرجف الأمم ... " (حبقوق ٣/ ٣ - ٦).

فالنص شاهد على أنه ثمة نبوة قاهرة تلمع كالنور، ويملأ الآفاق دوي أذان هذا النبي بالتسبيح.

وتيمان كما يذكر محررو الكتاب المقدس هي كلمة عبرية معناها: " الجنوب "، لذا


(١) شبهات وهمية حول الكتاب المقدس، القس منيس عبد النور، ص (١٨٧).

<<  <   >  >>