للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره، ومن سقط على هذا الحجر يترضض، ومن سقط هو عليه يسحقه.

ولما سمع رؤساء الكهنة والفريسيون أمثاله عرفوا أنه تكلم عليهم " (متى ٢١/ ٣٣ - ٤٥)، (وانظر لوقا ٢٠/ ٩ - ١٩)، فمن تراه تكون الأمة العظيمة التي إذا غزت أمة سحقتها، وإذا أرادتها أمة نكصت على عقبيها؟ لا ريب أنها الأمة التي هزمت أعظم دولتين في عصرها: الروم والفرس، وانساحت في الأرض، وملكت خلال قرن واحد ما بين الصين وفرنسا، إنها أمة الإسلام.

ونبوءة متى السالفة تحيل على نبوءة في كتب الأنبياء، وهي ما جاء في مزامير داود عن الآتي باسم الرب "أحمدك لأنك استجبت لي، وصرت لي خلاصاً، الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية، من قبل الرب كان هذا، وهو عجيب في أعيننا، هذا هو اليوم الذي صنعه الرب، نبتهج ونفرح فيه، آه يا رب خلّص، آه يا رب أنقذ، مبارك الآتي باسم الرب" (المزمور ١١٨/ ٢١ - ٢٥).

وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ابتنى بيوتاً، فأحسنها وأجملها وأكملها إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها، فجعل الناس يطوفون ويعجبهم البنيان فيقولون: ألا وضعت هاهنا لبِنة، فيتم بنيانك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: فكنت أنا اللبِنة)). (١) إنه الحجر الذي تمت به النبوات.

وقبل أن نتقل إلى شرح النبوءة يحسن بنا أن ننوه إلى الخطأ الذي وقع فيه بطرس حين زعم أن المسيح هو الحجر الذي رفضه البناؤون، فقال: "يسوع الناصري الذي صلبتموه أنتم ... هذا هو الحجر الذي احتقرتموه أيها البناؤون، الذي صار رأس الزاوية،


(١) رواه البخاري ح (٣٥٣٥)، ومسلم ح (٢٢٨٦).

<<  <   >  >>